الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا استثناء في النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي

السؤال

من هو الشخص المُستثنى من قوله تعالى (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي)؟ هل تُستثنى بركة أم أيمن حاضنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فقد روى الإمام مسلم في الصحيح عن أنس، قال: «انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أم أيمن، فانطلقتُ معه، فناولتْه إناءً فيه شراب» قال: فلا أدري أصادفتْه صائما، أو لم يُرِدْه، فجعلت تصخب عليه، وتَذَمَّر عليه.
قال النووي في شرحه: "تصخب" أي: تصيح، وترفع صوتها.
أفيدونا، جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ما ورد في هذه الآية الكريمة من النهي عن رفع الصوت فوق صوته -صلى الله عليه وسلم-، هو أدب عام، يشمل جميع المؤمنين، كما يشمل النهي عن رفع الصوت عند قراءة حديثه، وسنته، وسيرته، أو عند قبره -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن حرمته ميتا، كحرمته حيًّا، كما قال العلماء. وليس فيه استثناء لشخص معين، سواء كان قريبا، أو غير قريب.

وأما ما جرى له -صلى الله عليه وسلم- مع أم أيمن -رضي الله عنها- فيما رواه مسلم في فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ: عن أنس -رضي الله عنه- أنه قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا؟ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ، فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ.. الحديث.

فهذا من محبتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحرص على أن يشرب من يدها، ومن باب ما تفعله بعض الأمهات مع أبنائها، وليس فيه إزعاج، ولا أذيَّة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال النووي في شرح مسلم: وَكَانَتْ تَدِلُّ عَلَيْهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِكَوْنِهَا حَضَنَتْهُ، وَرَبَّتْهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي.

وجاء في فتح المنعم شرح صحيح مسلم لموسى لاشين: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يزورها، وكانت تدل عليه وترفع صوتها، كما تفعل الأم، وكان يعاملها معاملة الأم، وقد روى البخاري، وأحمد: أن الرجل كان يجعل للنبي -صلى الله عليه وسلم- النخلات، حتى فتحت عليه قريظة، والنضير، فجعل يرد بعد ذلك، فسأله أحدهم أن يرد عليه بعض الذي أخذه -وكان أعطاه لأم أيمن- فأعطاه له، فجاءت أم أيمن، فجعلت تلوح بالثوب، وتقول: كلا، والله، لا يعطيكهن، وقد أعطانيهن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لك كذا، وكذا، وتقول: كلا، حتى أعطاها عشرة أمثاله.

وحفظ الصحابة مودتها، كما حفظها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان أبو بكر، وعمر يزورانها بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم-.

وللمزيد من الفائدة عن الآية الكريمة انظر الفتوى: 298975.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني