الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحالف على ما لا يملك أولى بالتحنيث من الحالف على ما يملك

السؤال

ذهبت امرأة إلى بيت أهلها بسبب مشكلة مع زوجها. ثم تدخل البعض لمحاولة الصلح بينهما، فحلف زوجها بالطلاق أنه لن يذهب ليأخذها. وحلف أخوها بالطلاق أنها لن تذهب إلا إذا أتى زوجها ليأخذها. فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبه أولا إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، وقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم الحلف بالطلاق.

جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالدَّلِيلِ عَلَى حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، بِقَوْلِهِ: وَيُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ. انتهى.

وبخصوص حلف الزوج وأخي الزوجة بالطلاق في الواقعة المسؤول عنها، فلم نطلع على من ذكرها بخصوصها. لكن الذي يظهر لنا -والله تعالى أعلم- أنه إذا لم يُحنث أحدهما نفسه طوعا، فإن الأولى بالتحنيث هو أخو الزوجة.

جاء في مختصر خليل بن إسحاق المالكي: وإن حلف صانع طعام على غيره لا بد أن تدخل، فحلف الآخر: لا دخلت: حنث الأول.

جاء في الشرح الكبير للدردير شارحا لكلام خليل السابق: أي قضي بتحنيثه؛ لحلفه على ما لم يملكه، بخلاف الثاني فإنه حلف على أمر يملكه ... انتهى.

الشاهد من هذا أن الحالف على ما لا يملكه أولى بالتحنيث ممن حلف على ما يملكه.

والزوج في مسألتنا حلف على ما يملكه، وهو عدم ذهابه لأخذ زوجته. بخلاف أخي الزوجة فقد حلف على فعل غيره، وهو عدم ذهاب أخته لبيت زوجها.

وعلى أي حال، فالمفتى به عندنا؛ أنّ الزوج إذا ذهب إلى بيت أهل زوجته لإرجاعها؛ وقع طلاقه، وأنّ الزوجة إذا رجعت إلى زوجها من غير أن يذهب لإرجاعها؛ وقع طلاق أخيها؛ وهذا قول أكثر العلماء.

ومن وقع طلاقه، ولم يكن مكملا للثلاث؛ فله إرجاع زوجته في عدتها بقوله: راجعت زوجتي، وراجع الفتوى: 54195.

وذهب بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنّ الزوج إذا لم يكن قاصدا إيقاع الطلاق بيمينه، ولكن قصد التهديد أو التأكيد؛ فلا يقع طلاقه بحنثه في يمين الطلاق، ولكن تلزمه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني