الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجود خلل في تطبيق شركة ما لا يبيح أكل أموالها بالباطل

السؤال

بسبب خطأ في تطبيق الجوال التابع لإحدى شركات القهوة المعروفة، يقوم التطبيق بإعطاء مشروبات مجانية للمستخدم، وبشكل غير محدود.
ما هو الحكم الشرعي إذا قمت بأخذ هذه المشروبات دون دفع ثمنها؟ هل يعتبر ذلك سرقة، أو يعتبر حراما؟
حيث أقوم بشراء القهوة من إحدى شركات القهوة المعروفة منذ سنوات، وأصبحت زبونا دائما عندهم. وهذه الشركة تقدم ميزة للزبائن: لو قام المشتري بتحميل تطبيق الجوال الخاص بهم، وطلب القهوة عن طريق التطبيق، يمكنه الحصول على نقاط عن كل طلب يقوم به. وفي حال قام المشتري بتجميع عدد كاف من النقاط، يمكنه الحصول على مشروب مجاني من اختياره، يستطيع طلبه عن طريق التطبيق المذكور.
أعجبتني الفكرة، وقمت بتحميل التطبيق، وبعد تجميع العدد المطلوب من النقاط، قمت بطلب مشروب مجاني، مقابل النقاط التي جمعتها.
عندما تطلب مشروبا مجانيا يتم حذف النقاط التي تم جمعها مقابل هذا المشروب، ويجب على المشتري أن يطلب مشروبات، ويجمع النقاط من جديد حتى يتمكن من الحصول على مشروب مجاني آخر.
قمت بهذا الأمر عدة مرات، وحصلت على بعض المشروبات المجانية. وفي إحدى المرات بعد أن جمعت النقاط الكافية لطلب مشروب مجاني، دخلت إلى التطبيق، وطلبت مشروبي المجاني، فحصلت على المشروب، ولكن تفاجأت بأن النقاط لا تزال موجودة في حسابي، ولم تحذف مقابل المشروب الذي حصلت عليه، كما هي العادة.
اعتقدت بأن الأمر خطأ عابر، ولكن نفس الشيء تكرر عدة مرات. في كل مرة أطلب مشروبي المجاني، وأحصل عليه، ولكن تبقى النقاط كما هي في حسابي.
أنا حتى اليوم طلبت ما يقارب 5 أو 6 مشروبات مجانية من هذه الشركة، دون أن أدفع ثمنها، وذلك على ما يبدو بسبب خطأ في تطبيق الجوال الخاص بهم.
فما الحكم الشرعي في هذه المشروبات التي لا أدفع ثمنها؟ هل يدخل فيها الحرام، أو تعتبر سرقة مثلا؟ مع أنني غير مسؤول عن هذا الأمر الناتج عن خطأ، أو مشكلة في تطبيق الجوال الخاص بهذه الشركة.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس كل أَكْل للمال بالباطل، وأخْذٍ له دون وجه حق، يعتبر سرقة، موجبة للحد. ولذلك فرقوا بين السرقة، وبين الخيانة، والنهب، والغصب.

وما ذكره السائل لا يعتبر سرقة موجبة للحد؛ لفقد شروط الوجوب، كالحِرْز والخُفْية.

وراجع في ذلك الفتويين: 55277، 298906.

والمسلم لا يُنهى عن السرقة وحدها، بل هو منهي عن أكل المال بالباطل عموما، كما قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}.

ومنهي عن الخيانة جُمْلةً، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال: 27].

والأصل في مال الغير هو الحرمة، ولا يحل إلا بِطِيبِ نفسه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضا: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد وصححه الألباني.

وقال -أيضا- صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم؛ بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. رواه البخاري ومسلم.

ووجود الخلل في تطبيق الشركة المذكور، لا يبيح أكل مالها بالباطل، فإنه يجب الالتزام بشرط الشركة فيما تهبه، أو تمنحه لعملائها من نقاط، ولا يجوز تعدي ذلك بغير إذنها.

ولذلك، فإنه يجب على السائل أن يدفع للشركة ثمن ما تناوله بغير حق، أو يرجع إلى الشركة، ويطلب سماحها وعفوها عن ذلك. أو يصالحها عن حقها عليه بما يتفقان عليه؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلَّلْه منها فإنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. رواه البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني