الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل نهى النبي عن الصلاة من أجل العمل؟

السؤال

هل صح عن أشرف الخلق -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى رجلا عن الصلاة؛ لأجل العمل، أو أنه قال: اعمل، أو لا تُصَلِّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي علمناه، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصح عنه غيره، هو الترغيب في الصلاة، والمحافظة عليها، وتقديمها على ما سواها، ففي صحيح ابن حبان عن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بَكِّروا بالصلاة في يوم الغيم؛ فإنه من ترك الصلاة فقد كفر. وقد قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4- 5}.

وأما نهيه عنها هكذا، فلا يصح بحال من الأحوال، كما لا يصح أمره -صلى الله عليه وسلم- بتقديم العمل عليها، اللهم إلا ما ورد من أمره -صلى الله عليه وسلم- من تقديم بعض الأمور الآنية، التي تتعلق بها نفس المصلي، بحيث يفقد الخشوع، والحضور في الصلاة، لو قَدَّم الصلاة عليها، لتَوَقَانه إليها، وتَعَلُّق نفسه بها، أو لانشغاله بها عن الصلاة، فهذه تُقَدَّم على الصلاة؛ لمصلحة الصلاة. وتراجع للمزيد الفتوى: 3994.

علما بأن الصلاة سبب من أسباب حصول الرزق، والإعانة على قضاء الحوائج، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153}، وقوله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى {طه:132}

قال ابن كثير في تفسيره: وقوله:{لا نسألك رزقا نحن نرزقك} يعني إذا أقمت الصلاة، أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2، 3] ، وفي سنن الترمذي: عن أنس بن مالك، قال: كان أخوان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان أحدهما يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- والآخر يحترف، فشكا المُحترِف أخاه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لعلك تُرْزَقُ به. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ

وقال الملا علي قاري الهروي في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: فقال: لعلك تُرزَق به "بصيغة المجهول أي: أرجو، أو أخاف أنك مرزوق ببركته، لا أنه مرزوق بحرفتك، فلا تَمْنُن عليه بصنعتك. وفي الحديث دليل على جواز أن يترك الإنسان شغل الدنيا، وأن يقبل على العلم، والعمل والتجرد لزاد العقبى. اهـ

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 21790. وهي بعنوان "طلب الكسب بين الوجوب والاستحباب".

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني