الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن ابنين وبنتين وبنات ابن مات في حياته أوصى لهن

السؤال

مات أبي، وترك ثلاثة منازل، يقدر ثمنها بمليون وستمائة ألف جنيه. وورثته كالآتي: ابنان، بنتان قاصرتان لابنه المتوفى في حياته: زوجة، وخمس بنات.
الرجاء من فضيلتكم تقسيم الميراث شرعا. علما بأن أبي أوصى أن يرث بنات أخي، كما لو كان موجودا.
هل لأعمام البنات وعماتهن أن يرثوا في نصيب أبيهن المتوفى قبل أبيه؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا يتلخص فيما يلي:

أولًا: لا يرث الإخوةُ أخاهم المتوفى قبل أبيهم؛ لأنه لما مات أخوهم كان أبوهم حيًّا، فحجبهم جميعا حجب حرمان، ولا خلاف بين الفقهاء في أن الأب يحجب الإخوة مطلقا.

قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن الإخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورا أو إناثا لا يرثون مع الابن، ولا ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب. اهـــ.

ثانيًا: بنات الابن لا يرثن جدهن مع وجود ابن أيضا؛ لأنه حجبهن حجب حرمان.

جاء في "الإقناع في مسائل الإجماع" لأبي الحسن بن القطان: وأجمع المسلمون جميعًا أن الابن إذا كان وارثًا، منع ابن الابن وبنات الابن. ... اهــ.

ثالثًا: وصية الأب لبنات ابنه بمثل نصيب أبيهن لو كان حيًّا، تعتبر وصية صحيحة؛ لأنها وصية لغير وارث.

وتحل المسألة أولا على أن الميت ترك الورثة المذكورين، ثم يضاف إلى أصلها مثل نصيب أحد الأبناء، ويعطى لبنات الابن الموصى لهن بمثل نصيب أبيهن.

قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَوْصَى بِنَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مُزَادًا عَلَى الْفَرِيضَةِ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ, وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ... اهـ.

رابعًا: اعلم أخي السائل أن الورثة من الرجال خمسة عشر، ومن النساء عشر، ولا يمكن بيان كيفية قسمة التركة إلا بعد حصر الورثة حصرا لا غموض فيه، وهذا ممكن من خلال إدخال السؤال عبر هذا الرابط:


http://www.islamweb.net/merath/ ;

فإن أردت معرفة الجواب على وجه الدقة؛ فاحصر لنا الورثة من خلال الرابط المشار إليه.

خامسا: الذي فهمناه من السؤال أن والدك توفي عن ابنين وبنتين، وأن الابن المتوفى في حياته ليس أحد هذين الابنين، وأن الابن المتوفى ترك زوجة، وخمس بنات.

فإن كان هذا هو الواقع، وفرضنا أن والدك لم يترك من الورثة إلا ابنيه، وبنتيه فقط. فإن تركته لهم تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء:11}.

فيكون أصل مسألتهم من ستة أسهم، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد، ثم يضم إلى أصل المسألة مثل نصيب أحد الابنين: سهمان، فتقسم التركة على ثمانية أسهم.

وبعد تصحيح الانكسار في فريق بنات الابن الموصى لهن، تصح المسألة من أربعين سهما، لكل ابن عشرة أسهم، ولكل بنت خمسة أسهم، ولبنات الابن الموصى لهن عشرة أسهم، لكل واحدة منهن سهمان.

وهذه صورة مسألتهم:

جدول الفريضة الشرعية

الورثة أصل المسألة 6 + 2 8 × 5 40

ابن

ابن

بنت

بنت

2

2

1

1

2

2

1

1

10

10

5

5

5 بنات ابن موصى لهن بمثل نصيب أبيهن ــــ 2 10

وأخيرا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، والورثة من الرجال خمسة عشر، ومن النساء عشر. ولا يمكن قسمة التركة إلا بعد حصرهم بشكل صحيح واضح لا غموض فيه.

وبالتالي، فالأحوط أن لا يُكتفى بهذا الجواب الذي ذكرناه، وأن ترفع المسألة للمحاكم الشرعية، أو يُشافه بها أحد أهل العلم بها حتى يتم التحقق من الورثة، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال.

فلا ينبغي إذًا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة- تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني