الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فرض غرامة تأخير على المدين عن سداد دينه

السؤال

أشغل خطّة؟ -عدل منفّذ- ويتمّ تكليفي من طرف المحكوم لفائدتهم، في إطار القضايا المدنيّة والتّجاريّة، الصّادرة بالأداء عن المحاكم، بمُختلف درجاتها، بتنفيذها للتّوصّل لحقوقهم.. وحيث إنّه في إطار قضيّة مدنيّة، أو تجاريّة تتعلّق بأداء دين، يطلب الدّائن من المحكمة ذات النّظر الحكم لفائدته بأداء فائض قانونيّ، زيادة عن أصل الدّين، من تاريخ حلول أجل.. أصل الدّين، إلى تاريخ أدائه التّامّ، نتيجة مماطلته في الأداء، وتختلف نسب الفائض القانونيّ حسب نوع الدّين، أكان مدنيّا؟ أو تجاريّا؟ وهي نسب منظّمة بفصول قانونيّة واضحة، فهل قيمة الفائض القانونيّ المحكوم به لفائدة الدّائن زيادة عن أصل الدّين، تُعتبر مالا حلالا؟ أم حراما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه أن قيمة الفائض القانوني المحكوم به لفائدة الدائن، ما هي إلا غرامة تأخير، تؤخذ من المدين، بسبب تأخره عن سداد دينه؛ فإن كان الأمر كذلك، فلا يجوز بحال أن تفرض على المدين غرامة تأخير عن سداد دينه؛ لأن ذلك من الربا المحرم، وهو عين ما كان يفعله أهل الجاهلية، فيقولون للمدين: إما أن تقضي، وإما أن تربي ـ فحرم الشرع ذلك، وأوجب إنظار المعسر في قوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ { البقرة: 280 }.

جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة 1409هـ: قرر المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي: إن الدائن إذا شرط على المدين، أو فرض عليه أن يدفع له مبلغاً من المال غرامة مالية جزائية محددة، أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد، فهو شرط، أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحل، لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه. اهـ.
وإذا كان المتأخر عن سداد الدين مماطلاً، فتجوز مقاضاته، لإلزامه بأداء ما عليه، لا فرض غرامة تأخير زيادة على القرض، ولكن يجوز تحميله أجور المقاضاة، والمحامي، ونحو ذلك،.

سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -كما في مجموع الفتاوى: عَمَّنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَمْ يُوَفِّهِ حَتَّى طُولِبَ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، وَغَرِمَ أُجْرَةَ الرِّحْلَةِ، هَلْ الْغُرْمُ عَلَى الْمَدِينِ؟ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ وَمَطَلَهُ حَتَّى أَحْوَجَهُ إلَى الشِّكَايَةِ، فَمَا غَرِمَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الظَّالِمِ الْمُمَاطِلِ؛ إذَا غَرَّمَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ. اهـ.
وجاء في المعايير الشرعية، الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، عند كلامهم عن معيار المدين المماطل ما نصه: يتحمل المدين المماطل مصروفات الدعوى، كما يتحمل المصروفات التي غرمها الدائن من أجل تحصيل دينه. اهـ.

وراجع الفتوى: 62702.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني