الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ميراث الهدمى وحكم شهادة من يحصل له نفع بشهادته

السؤال

سؤالي عن من يرث، ومن لا يرث. حيث توفي أهلي: والدي، ووالدتي، وإخوتي وأخواتي؛ حيث كانوا يسكنون في العمارة نفسها في زلزال تركيا الأخير -رحمهم الله تعالى، وغفر لهم ذنبهم كله، وأدخلهم الجنة، في صحبة النبيين، والشهداء، والصديقين، وجعلهم شفعاء لنا-.
فهل يعتبرون قد توفوا في لحظة واحدة؟ علما أننا لا نعرف حقيقة ذلك، لأنهم كانوا تحت الأنقاض، باستثناء أخي -رحمه الله-، فقد حكت زوجته -شفاها الله- أنها تحدثت معه عقب انهيار المبنى، وهما تحت الركام، ثم توفي -رحمه الله- تحت الأنقاض. فهل يرث أخي من أهلي؟ وبالتالي عائلته؟ ولكون أهلي -والدي، وإخوتي، وأخواتي- بقوا تحت الأنقاض حتى تمكنت فرق الإنقاذ من إخراجهم -رحمهم الله- بعد: 3 أو 4 أيام، وبالتالي: لا نعرف حقيقة من مات قبل من. أرجو الرد بالإيضاح الذي اعتدناه منكم.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا ابتداء نعزيك في هذه المصيبة، ونقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب، كما نسأل الله تعالى أن ينزلهم منازل الشهداء.

وأما عن التوارث بينهم، فما دام لا يعلم من الميت أوّلًا، ومن الميت لاحقًا، فإنه لا توارث بينهم، في قول جمهور أهل العلم، ومالُ كلِّ واحدٍ منهم يرثه من بقي من ورثته الأحياء، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتويين: 18381، 74910.

وأما إخبار زوجة أخيك بأن زوجها لم يمت عند انهيار المبنى، وأنه حادثها: فهذا الإخبار لا يترتب عليه أن يرث زوجها من أبيه، وأمه، وإخوانه، لأمرين:
أولهما: أن هذا الإخبار لا يحصل به العلم بتقدم وفاة أبيه، وأمه، وإخوانه عليه، وتأخر موته هو عنهم، فربما تأخر موتهم هم أيضا، ولم يموتوا عند الهدم.
ثانيهما: لو فرضنا أنها أخبرت أنهم ماتوا قبله، فإن من موانع قبول الشهادة أن يجر الشاهد نفعا لنفسه بشهادته، فلا تقبل شهادته حينئذ، لمظنة التهمة.

قال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب، في شروط قبول الشهادة: الشَّرْطُ السَّادِسُ: عَدَمُ التُّهْمَةِ، فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ دَفَعَ بِهَا عَنْهُ ضَرَرًا، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، فَلَا تُقْبَلُ. اهــ.

وقال منصور البهوتي الحنبلي في كشاف القناع، عند ذكره لموانع الشهادة: الثَّالِثُ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ: أَنْ يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَةٍ. اهــ.

ولا شك أن زوجة أخيك تنتفع بهذه الشهادة، وتجر لنفسها نفعًا، لأنه إن حُكِمَ بها، ورث زوجها من أبيه، وأمه، وربما إخوانه، فيزيد نصيبها هي من ميراث زوجها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني