الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبغض زوجها ولا تستطيع أداء حقوقه وتريد الطلاق وأبوها يرفض

السؤال

أختي الكبيرة متزوجة منذ أزيد من سنة. ومشكلتها أنها لا تحب زوجها ولا تطيقه، بل وتنفر منه، لدرجة أنها لا تؤدي معه واجباتها الشرعية. وهي تريد الطلاق. لكن أبي يرفض ذلك، ويقول إنه سيكون راضيا عنها إذا بقيت في ذمة زوجها.
فهل يجوز لها طلب الطلاق، أو الخلع رغم رفض أبيها، وغضبه منها إذا طلقت؟
أرجو منكم الإجابة؛ لأنها في حيرة من أمرها، ولا تعلم ماذا تفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق مُبْغَض شرعا، والمرأة ممنوعة من سؤال الطلاق دون مسوّغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد.
قال السندي: أَيْ فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَه. اهـ.

فإذا لم يكن على أختك ضرر في البقاء مع زوجها، وكانت قادرة على القيام بحقّه؛ فلا حق لها في سؤال الطلاق أو الخلع. والواجب عليها طاعة والدها في البقاء مع زوجها ومعاشرته بالمعروف، ولا ينبغي لها الالتفات إلى هواجس كراهيته والنفور منه، فقد يكون ذلك من الشيطان.

فعليها أن تستعيذ بالله وتتوكل عليه، وتنظر إلى الجوانب الحسنة في صفات زوجها وأخلاقه، وتعلم أن الحياة الزوجية -في الغالب- لا تستقيم إلا بالصبر، والتغاضي عن الهفوات، والصفح عن الزلات.
أمّا إذا كانت مُبْغِضَة لزوجها وتنفر منه بحيث لا تقدر على القيام بحقّه؛ ففي هذه الحال يجوز لها طلب الفراق بالخلع أو الطلاق.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخَلْقه، أو خُلُقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك. وخشيت أن لا تؤدي حق الله -تعالى- في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقول الله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به {البقرة: 229}. انتهى.
وفي هذه الحال؛ لا تلزمها طاعة أبيها في البقاء مع زوجها، ولا تأثم بمخالفته في ذلك؛ لأنّ طاعة الوالدين لا تجب فيما فيه ضرر على الولد. وراجعي الفتوى: 463711

وينبغي على أختك حينئذ أن تبين لأبيها أسباب سعيها لفراق زوجها، وتجتهد في إقناعه بذلك حتى يكون راضيا؛ فإنّ السعي في استرضاء الوالد فيما لا يخالف الشرع، والحذر من مغاضبته، مطلوب؛ لما للوالد من الحقّ العظيم، ولما للإحسان إليه؛ من الأجر العظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني