الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمور تعين على التوبة والكف عن تكرار الذنب

السؤال

ابتلاني الله بذنب أدمنته، ومهما حاولت أن أتركه أعود إليه مرة أخرى، مهما طالت مدة تركه. دعوت الله كثيرا أن يعينني على ترك هذا الذنب، ولم يحدث ذلك. مع أني والحمد الله، أصلي أغلب الصلوات في المسجد، ومواظب على صلاة الفجر في المسجد منذ مدة. فلا أدري لماذا لا يعينني الله على تركه؟ وهل هذا يمكن أن يكون غضبًا من الله، أو ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعليك ألا تيأس من رحمة الله مهما تكرر ذنبك، بل لو تكرر منك الذنب في اليوم ألف مرة، فعليك كلما أذنبت أن تتوب وتحقق شروط التوبة، وتستعين بالله -تعالى- على تكميلها.

ثم إن عدت وزللت، فعد وتب مهما تكرر منك ذلك، ولا يَمَلُّ الله حتى يَمَلَّ العبد. وربك جواد كريم، يقبل التوبة من التائب، ويعيده كمن لم يذنب مهما تكرر منه الذنب.

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ.

ومعناه أن العبد ما دام على هذه الحال يتوب بعد أن يذنب، فإن الله يتوب عليه، ويغفر له، مهما تكرر ذنبه.

والمرجو ألا يكون ذلك غضبًا من الله عليك، بل إنك إن تبت التوبة النصوح بعد فعل الذنب، فإن الله يحب ذلك، ويفرح به، ويرضى به عنك.

وفي الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا، وبه مهلكة، ومعه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ، وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت؛ فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده، عليها زاده وطعامه وشرابه. فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن، من هذا براحلته وزاده.

فأبشر بفضل الله، ولا تمل من تكرار التوبة، وأكثر من الحسنات الماحيات؛ فإنهن يذهبن السيئات، والزم الاستغفار ففيه خير كثير. وعلِّق قلبك بالله، وسَلْه مخلصا أن يعينك على ترك هذا الذنب وغيره تركا تاما لا تعود إليه بعدها أبدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني