الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتراض الموظف في جمعية خيرية من أموالها وتغطيتها من الزكاة

السؤال

أعمل في جمعية خيرية -وهي فرع لجمعية بدولة عربية- كمدقق داخلي: منذ: 15 عاما، وفي عام: 2007م، قام رئيس مجلس الإدارة بإنشاء جمعية وطنية بنفس المسمى، حسب القانون الوطني، والذي ينص على تنفيذ أعمال الجمعيات الأجنبية عبر جمعيات وطنية، والموظفون يعملون في نفس وظائفهم في الجمعيتين، وبنفس رواتبهم، دون تخصيص راتب لكل جمعية، وللجمعية مجلس إدارة تم تكوينه منذ ثلاث سنوات، وثلثا أعضاء مجلس الإدارة هم موظفون تنفيذيون بالجمعية، ومنذ سنوات يقوم رئيس مجلس الإدارة ونائبه -وهو المدير العام للمنظمة- وموظفون آخرون بالجمعية بأخذ سلف خلال كل عام، ويتم تغطيتها من الزكاة -تحت بند الغارمين- رغم أنهم يتقاضون رواتب شهرية، كما أنه وخلال هذا العام قام أربعة من أعضاء مجلس الإدارة بعمل مخصصات إضافية لكل من رئيس مجلس الإدارة ونائبه، وثلاثة من هؤلاء الأعضاء هم تنفيذيون داخل الجمعية، ويتقاضون رواتب شهرية، وقد قام رئيس مجلس الإدارة منذ عام بزيادة مخصصاتهم بثلاثة أضعاف رواتبهم التي يتقاضونها دون بقية الموظفين، فهل يجوز إسقاط السلف من الزكاة تحت مصرف الغارمين؟ وهل يجوز لأعضاء مجلس الإدارة زيادة مخصصات رئيس مجلس الإدارة ونائبه، دون علم رئاسة الجمعية خارج الوطن؟ وإذا كان لا يجوز، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد

فلا يمكننا الحكم على خصوص الحال التي ذكرها السائل في هذه الجمعية بعينها، وإنما نقول على وجه العموم: إن إدارة الجمعيات الخيرية في حكم الأمناء الوكلاء على أموالها، ولا يجوز لهم أن يتصرفوا فيها إلا في حدود الوكالة، ويجب عليهم أن يتحروا الأصلح في ذلك، وينبغي لهم أن يبتعدوا عن الشبهات، ومسالك الريبة، ومواطن التهمة، ومن ذلك أخذ شيء لأنفسهم دون علم المتبرعين، فهذا لا يجوز من حيث الأصل، إلا في حال كونهم من جملة المستحقين لشيء من مخصصات الجمعية، لتوفر الوصف، أو شرط المتبرعين فيهم، كالفقر، أو اليتم، أو المرض، ونحو ذلك، فهذا مما اختلف فيه أهل العلم: هل يجوز أن يأخذ الوكيل ـ دون علم موكله ـ قدر حاجته منها، أسوة ببقية المستحقين دون محاباة لنفسه؟ والمفتى به عندنا هو الجواز، وإن كان الأولى هو التورع عن ذلك خروجا من الخلاف، وراجع في ذلك الفتاوى: 141433، 19458، 191727.

وعلى القول بالجواز، فلا بد من مراعاة عدم محاباة أنفسهم، بل يعاملون كما يعامل بقية الناس دون زيادة، وعلى ذلك، فإن كان من مخصصات الجمعية بند لإقراض الفقراء المحتاجين، ودفع الزكاة للغارمين، وكان أحد أعضاء مجلس الإدارة ينطبق عليه وصف الفقر والحاجة، فاقترض ما تسمح الجمعية بإقراضه لمن هو في مثل حاله، ثم بعد ذلك عجز عن السداد، وتحقق فيه وصف الغرم المبيح لأخذ الزكاة، فله أن يأخذ من الزكاة بقدر ما تعطيه الجمعية لمن هو في مثل حاله، على خلاف بين أهل العلم في ذلك، فالأسلم والأفضل -على أية حال- ألا يأخذ شيئا بنفسه دون علم المتبرعين، أو المسئولين عنهم.
وأما زيادة أعضاء مجلس الإدارة لمخصصات رئيس مجلس الإدارة ونائبه دون علم رئاسة الجمعية بخارج الوطن، فهذا إن كان أكثر من أجرة المثل فهو خيانة للأمانة، وأكل للمال بالباطل، وإن كان لا يتعدى أجرة المثل، فلا يجوز إلا بعلم المسؤولين عن التبرعات، لأنه خارج –في العادة– عن حدود الوكالة، فيلزمهم إعلام رئاسة الجمعية بالخارج، ما دامت هي المسؤولة عن التبرعات.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني