الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم انزعاج الشخص عند سماعه آية تتحدث عن الموت؟
فمثلا عندما أقرأ آية: كل نفس ذائقة الموت. من سورة العنكبوت. ينزعج بعض من أفراد عائلتي. ويقول: تركت كل القرآن وقرأت هذه الآية، وأظن أن من الخطأ قول هذا؛ لأن هذا كلام الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فانزعاج الشخص من ذكر الموت لا سيما إذا ذُكِّر به من خلال آيات القرآن، ليس من شأن المؤمنين الذين قال الله فيهم: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ {الذاريات: 55}.
وكان حريا به وقد سمع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ {العنكبوت: 57}. أن يتعظ ويتذكر الموت والاستعداد له، فذلك يحفزه على البدار بالتوبة والإكثار من الطاعات، والانزعاج من الدنيا الفانية.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا من ذكر هاذم اللذات. رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات -الموت- فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه. رواه البيهقي وحسنه الألباني.
وعَن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ مَنْ أَكْيَسُ النَّاسِ وَأَحْزَمُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَكْثَرَهُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ، وَأَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ، أُولَئِكَ هُمُ الأَكْيَاسُ ذَهَبُوا بِشَرَفِ الدُّنْيَا وَكَرَامَةِ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجه، والطبراني في الصغير، وحسنه المنذري والهيثمي، وقال العراقي: إسناده جيد.

وقال القرطبي -رحمه الله- في كتابه التذكرة: قال العلماء: تذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا، ويهون المصائب فيها. انتهى.

وقال القرطبي في التذكرة أيضا: قال الدقاق: من أكثر من ذلك الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني