الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته:علي الطلاق لا تدخلي علي أي شيء من عند أهلك، وكرر ذلك

السؤال

حصلت مشادة بيني وبين زوجتي، فقلت لها: علي الطلاق أنك لا تأتين بشيء من بيتكم مرة ثانية، وكررت: لا تدخلي علي أي شيء من عند أهلك.. وهذا نص الحلف.. وأتذكر نيتي جيدا أنني كنت أعي، وأقصد الحلف بالطلاق، وكنت أعرف وقتها، ونبهتها أنه لو وقع ما حلفت عليه فستحسب الطلقة الأولى، وقلت لها لا أريد أن يدخل علي شيء من عند أهلك ثانية، وحصل أنها ذهبت إلى أهلها، وجارهم -في مقام عمها- أعطاها علبتين من الكيك لابني الصغير، وأتت بهما معها، وتقول لي إنها كانت تظن أن المقصود من الحلف هم أهل بيت أبيها فقط، فرميت العلبتين خارج الشقة، وأعلمتها أنها أوقعت حلفي وأنها تحسب طلقة، والآن هي موجودة معي، وكل واحد منا في غرفة منفصلة، وأريد أن أردها، فماذا أعمل؟ وهل فيما بعد لو أتت بشيء من عند أهلها يظل الحلف قائما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرجع إلى قصدك عند حلفك، وما إن كانت يمينك شاملة لما فعلته زوجتك أم لا، فالنية لها اعتبارها في اليمين، كما ذكر الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له.... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص.... ومنها، أن ‌يريد ‌بالخاص ‌العام، مثل من يحلف: لا شربت لفلان الماء من العطش، ينوي قطع كل ما له فيه منة، أو: لا يأوي مع امرأته في دار، يريد جفاءها بترك اجتماعها معه في جميع الدور. انتهى.

فعلى تقدير أنك قصدت خصوص أهلها، أو غرضا معينا، ولا تقصد الأشياء التافهة، أو ما يخص الأطفال، أو نحو ذلك، لم يحصل الحنث، فلم يقع الطلاق.

قال المرداوي في الإنصاف: ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها لم يحنث.. انتهى.

وإن قصدت ما هو أعم، وأن إتيانها بما أتت به داخل في المنع، فقد حصل الحنث، ووقع الطلاق، وعلى تقدير وقوع الطلاق، فإن لم تكن هذه الطلقة الثالثة جاز لك أن ترجع زوجتك من غير عقد جديد، ما دامت في عدتها، كأن تقول لها: أرجعتك إلى عصمتي، وانظر الفتوى: 54195.

وإن انقضت العدة فلا بد لرجعتها من عقد جديد كالعقد ابتداء.

وهذا الحلف ينحل بالحنث في أول مرة، ولا يتكرر بتكرر الفعل، إلا إن كنت نويت تكرر الحنث، أو كان في لفظ الحلف ما يقتضي التكرار مثل: كلما ـ قال ابن جزي في القوانين الفقهية: ولا يتكرر الحنث بتكرار الفعل، إلا إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار، كقوله، كلما، ومتى، وشبه ذلك، أو يقصد التكرار. اهـ.

وننبه إلى الحذر -قدر الإمكان- من المشاكل في الحياة الزوجية، وإن حدثت المشكلة فينبغي الحرص على حلها بالحكمة، واجتناب الطلاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني