الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من استبدل شيئا يملكه بشيء مثله خطأ، ولا يعلم صاحبه

السؤال

منذ سنوات استبدلت شيئًا بمثله أملكه -عن طريق الخطأ- والذي يخصني كان معيبا، ولم أعلم من صاحبه، فهل علي التصدق به عن صاحبه، أو التخلص منه؟ وما الحكم إذا كان الشيئان تم تبادلهما عن طريق الخطأً، وهما متماثلان -أي لا عيب بأحدهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطالما أنك أنت المخطئ بأخذ هذا الشيء وتَرْكِ ما هو لك، فإنك لا تملكه، سواء أكان مثل ما هو لك، أو أدنى منه، أو أعلى، وكان عليك عندما فطنت للخطأ أن تبحث عن صاحب هذا الشيء، ويبقى مضمونا عليك حتى تؤديه إليه، فإذا مر على البحث عن صاحبه سنة ولم تجده، فتصدق به عنه، وانظر الفتويين: 241330، 470965.

ومن وجد الشيء الذي هو لك مكان الشيء الذي هو له، فعليه هو الآخر أن يبحث عن صاحبه، ويُعرِّف بما وجده، كما تُعرَّف اللقطة، فإن لم يجد صاحبه، فله أن يأخذه إن كان مثل حقه، وإلا أخذ منه بقدر حقه دون زيادة، وتصدق بالباقي.

قال الكرمي في غاية المنتهى: مَنْ أُخِذَ ‌مَتَاعُهُ وَتُرِكَ بَدَلُهُ ‌فَكَلُقَطَةٍ يُعَرِّفُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِبَاقٍ أَوْ يَدْفَعُهُ لِحَاكِمٍ. اهـ.

وقال الخلوتي في حاشيته على المنتهى: قوله: فكلقطة، يعني: وليس لقطة حقيقية، وإلا كان يملك بالتعريف، ولا يصح حمل قولهم: ويأخذ قدر حقه منه بعد تعريفه، على ما إذا عرف ربه؛ لأنه كان يلزمه دفعه حينئذٍ بتمامه، ويطالب بمتاعه، أو بدله. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: إن كانت ثم قرينة دالة على أن الآخذ للثياب إنما أخذها ظنا منه أنها ثيابه، مثل أن تكون المتروكة خيرا من المأخوذة، أو مثلها، وهي مما تشتبه بها، فينبغي أن يُعرفها ههنا؛ لأن صاحبها لم يتركها عمدا، فهي بمنزلة الضائعة منه، والظاهر أنه إذا علم بها أخذها ورد ما كان أخذه، فتصير كاللقطة في المعنى، وبعد التعريف إذا لم تعرف، ففيها الأوجه التي ذكرناها - يعني التصدق بها، أو أخذها، أو رفعها إلى الحاكم - إلا أننا إذا قلنا يأخذها، أو يبيعها الحاكم، ويدفع إليه ثمنها، فإنما يأخذ بقدر قيمة ثيابه، لا يزيد عليها؛ لأن الزائد فاضل عما يستحقه، ولم يرض صاحبها بتركها عوضا عما أخذه، فإنه لم يأخذ غيرها اختيارا منه لتركها، ولا رضى بالمعاوضة بها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني