الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أهل البلدة التي لا يؤذن فيها ولا تقام فيهم الصلاة

السؤال

القرية التي أعيش فيها لا يذهب أحد فيها إلى صلاة الجماعة. أحيانا أذهب وأكون وحدي، وأُؤذن للصلاة، وأصلي وحدي.
بعض الناس يشتكي من صوتي، ويقولون: صوتك ليس جميلا، لا تؤذن. لم أعد أذهب إلى المسجد؛ لأنه لا يوجد من يصلي معي.
السؤال: هل آثم بذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك بالتوفيق للذهاب إلى المسجد، وإياك أن تترك الأذان في المسجد، والذهاب للصلاة بالمسجد. لأن كثيرا من العلماء يرون أن الأذان في المسجد فرض كفاية، إن لم يقم به من تحصل به الكفاية، أثم الجميع، ويتأكد ذلك إذا لم يكن بقريتكم مساجد أُخَر، يؤذن فيها.

فاحرص على الأذان، وترغيب الآخرين في الصلاة معك. فإن أي قرية لا يؤذن فيها، وتقام فيها الصلاة؛ عرضة لاستحواذ الشيطان عليها.

ففي سنن أبي داود عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. والحديث حسنه الألباني.

وقد استدل الموجبون للأذان، بقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: إذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم. رواه السبعة.

ولأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بلالاً بالأذان في المدينة، وأمر أبا محذورة بالأذان في مكة، وأمرهما بالإقامة، ولم يزل -صلى الله عليه وسلم- يؤدي الصلوات الخمس بأذان وإقامة.

واحرص على تحسين صوتك، أو البحث عن مؤذن حسن الصوت؛ فإن حسن الصوت مستحب في المؤذن، ولكنه ليس شرطا، ولا يحق منع الأذان بسبب عدم حسن الصوت، فإن شروط المؤذن ثلاثة وهي كونه: مسلما، ذكرا، عاقلا.

ففي دقائق أولي النهي، ممزوجا بشرح المنتهى وهو حنبلي: وشُرط ـ بالبناء للمجهول ـ في المؤذن كونه مسلما، فلا يعتد بأذان كافر؛ لعدم النية، وكونه ذكرا، فلا يعتد بأذان أنثى وخنثى... إلى أن قال: كونه عاقلا: فلا يصح من مجنون كسائر العبادات. انتهى.

ومن المستحب في حق المؤذن كونه حسن الصوت.

قال ابن قدامة: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا، يُسْمِعُ النَّاسَ «وَاخْتَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَبَا مَحْذُورَةَ لِلْأَذَانِ» لِكَوْنِهِ صَيِّتًا، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِهِ. انتهى.

وقال الحطاب في مواهب الجليل -وهو أحد كتب المالكية المعتمدة-: يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت، ومرتفع الصوت، وأن يرجع صوته، ويكره الصوت الغليظ الفظيع، والتطريب والتحزين إن لم يتفاحش، وإلا حرم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني