الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للتائب العفو عمن ظلمه، أو الاقتصاص منه في الآخرة

السؤال

كنت على علاقة برجل متزوج، هو ابن عمي، وكان يخبرني أنه لا يحب زوجته، وهي كذلك، وأنهما سوف ينفصلان، وأن زوجته لا مانع عندها من طلاقه منها. وكان عمري آنذاك 18 سنة، وهو 31 سنة.
وبعد فترة من تلاعبه بي، وقلة إيماني، وعدم خوفي من الله، قمت بإرسال صور لي وأنا عارية، وكنا نتحدث عن طريق الشات، وبعد فترة استوعبت ما فعلته، وأنه كان يكذب، وأن زوجته تحبه، فابتعدت، وقطعت علاقتي به، وكنت أحاول التوبة.
وبعد فترة توفي هذا الرجل، فاكتشفت زوجته وأهله ما كان يدور بيننا في الشات، فأرسلوا جميع صوري لأعمامي وعائلتي، وفضحوني ودافعوا عن ولدهم، وقالت لي زوجته: إنه بريء، وإني من تلاعب به، فتقبلت ما حصل لي؛ لأنني أستحقه.
واليوم مرت فترة طويلة وأنا أبكي ليل نهار على ظلمي لزوجته وأهله، وليس لي طريقة لأتواصل مع أهله وزوجته، لأطلب منهم المسامحة؛ لأنهم في مدينة أخرى. مع أنهم أرسلوا صوري، وفضحوني مع أبي.
فهل أعتبر ظالمة؟ وهل الله غاضب علي؟ مع العلم أن ربي يسر لي العبادة، وأصبحت مواظبة على صلاتي، وكل أمور ديني، والتزمت بالحجاب.
فهل علي أن أطلب منهم المسامحة؟ والله إني لا أجد راحة في قلبي لما بدر مني، أبلغ من العمر الآن 22 عاماً، ولم أذق طعم النوم بسبب ما فعلت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على إقبالك على التوبة، والمحافظة على الصلاة والتزام الحجاب.

ونسأله -تبارك وتعالى- أن يحفظك ويحفظك لك دينك، ويرزقك العافية في دينك ودنياك.

ولم يتبين لنا من خلال ما ذكرت أنك قد وقع منك ظلم لزوجة هذا الرجل أو أهله؛ لتطلبي منهم العفو والمسامحة.

وإن وقع منك ظلم لهم بغيبة ونحوها من الأمور المعنوية، فيكفيك أن تكثري من الدعاء لهم بخير. وراجعي الفتوى: 18180.

وإن كانوا قد ظلموك، فإن شئت عفوت عنهم، وإن شئت أن يقتص لك منهم يوم القيام؛ فلك ذلك. والعفو أفضل، كما هو مبين في الفتوى: 62832.

وعليك بإحسان الظن بربك، والثقة به بأنه يتوب على من تاب، فهو القائل: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. واجتهدي في تناسي ما مضى، واستشراف المستقبل.

وإن كان الواقع ما ذكرت من أنهم فضحوك، وأرسلوا تلك الصور إلى أهلك، فإنهم قد أساءوا بذلك؛ إذ الواجب الستر على المسلم، وخاصة إن كان قد تاب إلى الله وأناب.

وانظري الفتوى: 58259.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني