الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضع الزوج كاميرات لمراقبة أهله، من التجسس المنهي عنه

السؤال

هل يجوز للزوج المسافر وضع كاميرات مراقبة على الزوجة والأولاد؛ لمعرفة أحوال بيته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوضع الزوج كاميرات في البيت دون علم الزوجة والأولاد الكبار؛ لمراقبتهم، ومعرفة أحوالهم؛ غير جائز؛ لأنّه من التجسس المحرم الذي نهى الشرع عنه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: 12}.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا. متفق عليه.

وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ.

قال ابن بطال -رحمه الله-: ومعنى الحديث النهي عن التجسس على أهله. انتهى.

فالأصل حمل أمر الأهل على السلامة حتى يتبين خلافها، وراجعي الفتوى: 60127.

كما أنّ الأصل في التجسس عدم الجواز، كما سبق بيانه في الفتوى: 30115.

والسبيل المشروع للمحافظة على الزوجة والأولاد؛ هو تربيتهم على الإيمان بالله تعالى، ودوام مراقبته، والوقوف عند حدوده، وتعويدهم على الأخلاق الكريمة.

ومن المهم جدًا أن يكون رب البيت مستقيمًا في خاصة نفسه على طاعة الله تعالى، والمحافظة على حدوده؛ ليكون قدوة حسنة لهم، وليحفظه الله فيهم مما يخشى ويحذر، كما في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما-: احْفَظِ اللهَ، يَحْفَظْكَ.

قال الملا علي القاري: احفظ الله: أي أمره ونهيه. يحفظك: أي يحفظك في الدنيا من الآفات والمكروهات، وفي العقبى من أنواع العقاب والدركات، جزاءً وفاقًا؛ فإن من كان لله، كان الله له. انتهى من مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني