الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرحمة.. معناها.. وأنواعها

السؤال

ما هي الرحمة؟
وما معنى: اللهم ارحمني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الرحمة معناها في اللغة: الرأفة، واللين، والعطف.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة: الراء والحاء والميم أصل واحد، يدل على الرقة والعطف والرأفة. يقال من ذلك رحمه يرحمه، إذا رق له وتعطف عليه... اهـ.

والرحمة صفة من صفات الله الذاتية والفعلية، فهو رحمن الدنيا والآخرة.

وحدث -جل وعلا- عن رحمته فِي كتابه، فقال: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {الأعراف: 156}.

وتطلق الرحمة على الجنة، كما قال الله تبارك وتعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران:107].

وفي الحديث القدسي يقول الله -تبارك وتعالى- للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء. متفق عليه.

وتطلق على الرزق، والمطر، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ {الأعراف: 57}، وقال الله عز وجل: فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {الروم: 50}.

قال ابن منظور في لسان العرب: قال الأزهري: قال عكرمة في قوله: ابتغاء رحمة من ربك ترجوها: أي رزق، ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه: أي رزقا، وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء: أي حيا وخصبا بعد مجاعة، وأراد بالناس الكافرين. .. اهـ.

وقول الداعي: اللهم ارحمني، يدخل فيها هذه الأمور وغيرها من رحمة الله الواسعة، التي وسعت كل شيء.

قال ابن القيم في بدائع الفوائد: واعلم أن الرحمة المضافة إلى الله -تعالى- نوعان:

أحدهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله.

والثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها.

فمن الأول قوله في الحديث الصحيح: "احتجت الجنة والنار" فذكر الحديث وفيه "فقال: للجنة إنما أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء" رواه مسلم وأحمد. فهذه رحمة مخلوقة، مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق -تعالى- وسماها رحمة؛ لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة، وخص بها أهل الرحمة وإنما يدخلها الرحماء، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض" رواه مسلم والحاكم، وروى البخاري نحوه، ومنه قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} ومنه تسميته تعالى للمطر رحمة بقوله: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني