الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قرأ في أذكار الصباح والمساء بالمعوذات دون لفظ (قل) لم يكن آتيا بها

السؤال

هل تجوز قراءة المعوذات في أذكار الصباح، والأذكار عموما دون لفظ: قل؟ وإذا كان جائزا، فأي الوجهين أولى: مع قل؟ أم من دونها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فليس للمسلم أن ينقص من لفظ القرآن عند تلاوته، ومن ثم فمن أراد قراءة المعوذات، وتحصيل الثواب الموعود على تلاوتها، فعليه أن يقرأها كما أنزلت بجميع حروفها، ومن أخل بشيء من ذلك لم يكن قارئا للمعوذات كلها، ولا كان مستحقا للأجر الموعود على قراءتها، واعلم أن قوله تعالى: قل، في أول السورة ليس حشوا، ولا هو مما لا معنى له -كما يتصوره المغرقون في الجهل-

قال القاسمي: قال الشهاب: فإن قلت المأمور: قُلْ من شأنه إذا امتثل أن يتلفظ بالمقول وحده، فلم كانت قُلْ من المتلوّ فيه، وفي نظائره في القراءة؟ قلت: المأمور به سواء كان معينا أم لا، مأمور بالإقرار بالمقول، فأثبت القول ليدل على إيجاب مقوله، ولزوم الإقرار به على مرّ الدهور. انتهى.

فمن أتى في أذكار الصباح والمساء بالمعوذات دون لفظ: قل، لم يكن آتيا بها، ولا مستحقا للأجر الموعود عليها، لأنه لم يتل تلك السور المأمور بتلاوتها، وفي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ، وَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. رواه البخاري.

وعلى هذا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قرأ لفظة: قُلْ، ولم يتركها، لأن التعوذ يحصل بدونها؛ فالفضل للسورة كلها، ولفظة قل منها.

لكن من أراد الدعاء بقوله: أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ـ ولم يرد التلاوة، فله ثواب دعائه، وإن لم يتلفظ بلفظ قل، لأنه لم يرد التلاوة، وإنما أراد الدعاء، ومثل ذلك ما لو قال في سجوده: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب ـ يريد الدعاء، لا التلاوة، فإنه لا يعتبر قارئاً للقرآن في سجوده.

وبهذا يتضح لك الفرق بين من قصد التلاوة، ومن قصد الدعاء فحسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني