الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على من يريد العمل في شركة السؤال عن نوعية البرامج التي تستخدمها؟

السؤال

أنا مهندس مدني، وحالياً أغلب البرامج التي نستخدمها في عملنا تكون مكركة -أي غير مدفوع ثمن استخدامها للشركة المصنعة- بسبب غلاء أسعارها، والآن أغلب الشركات صاحبة العمل تستخدم هذه البرامج المكركة أيضا، فما حكم العمل في هذه الشركات؟ أتمنى منكم توضيح الأمر، وإذا كان الحكم أنه لا يجوز العمل في هذه الشركات، فهل يكون هذا الحكم عاما في جميع الوظائف في الشركة؟ أم الوظائف التي يتم فيها استخدام هذه البرامج- أي أن هناك بعض الأعمال المسؤول عنها لا تستخدم فيها هذه البرامج؟ وهل يجب علي أن أسأل إن كانت الشركة تستخدم البرامج الأصلية أم المكركة، إذا كانت الوظيفة التي سأتقدم لها كل عملها على البرامج قبل أن أعمل فيها أم لا؟
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الراجح أن حقوق الملكية الفكرية ونحوها من الحقوق المعنوية مصونة، ومملوكة لأصحابها، ولا يجوز التعدي عليها، وهذا الذي صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي، وغيره من المجامع العلمية.

وبناء على ذلك: فلا يجوز استعمال البرامج غير الأصلية، ولا العمل عليها.

وأما العمل في الشركة بوظائف لا علاقة لها باستعمال البرامج غير الأصلية: فهو مباح، ولا إثم فيه.

وأما السؤال عن البرامج: فإذا فشا وكثر استعمال البرامج غير الأصلية، فالورع هو السؤال، ولا يبعد القول بإيجاب السؤال إذا كان الغالب هو استعمال البرامج غير الأصلية.

جاء في الفروع لابن مفلح: قال ابن الجوزي: إذا كان الأكثر الحرام يجب السؤال، وإن لم يكن أكثر فالورع التفتيش، ولا يجب. اهـ.

وفي المجموع للنووي: قال الغزالي: أن يتعلق الشك بالمال بأن يختلط حلال بحرام، كما إذا حصل في السوق أحمال طعام مغصوب، واشتراها أهل السوق، فلا يجب السؤال على من يشتري من تلك السوق، إلا أن يظهر أن أكثر ما في أيديهم حرام، فيجب السؤال، وما لم يكن الأكثر حراما يكون التفتيش ورعا، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يمتنعوا من الشراء من الأسواق، وكانوا لا يسألون في كل عقد، وإنما ‌نقل ‌السؤال ‌عن ‌بعضهم في بعض الأحوال، لريبة كانت. اهـ.

وفي المحيط البرهاني لابن مازة: وسئل أبو القاسم عمّن يحتاج إلى شراء الأشياء، ويخاف الوقوع في الحرام، هل يجب عليه أن يسأل عن كل أحد يريد الشراء عنه عن حال ما يريد شراءه؟ قال: الأشياء على ظاهرها التي جرت العادة عليه حتى تجيئ العوارض، وإذا كان نقد قد غلب الحرام على أهله، أو كان البائع ممن يتخذ المال من خبث، فالسؤال حسن، وإن كان نقد الغالب عليها الحلال في الأسواق لا ‌يجب ‌السؤال. اهـ.

وراجع للفائدة الفتويين: 54648.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني