الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في التسمية عند الطعام

السؤال

التسمية عند الطعام مستحبة عند الجمهور، وذَهَب جَمَاعَة من العلماء - منهم الظاهرية، والشوكاني -إلى وجوبها، وهذا الذي يظهر ويترجَّح -والله أعلم- أنَّ التسمية واجبة؛ لحديث عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ -رضي الله عنه-، ولما في صحيح مسلم من حديث حذيفة مرفوعاً: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه)،
والقول بالوجوب رجحه ابن القيم في زاد المعاد: 2/ 397 – 398.
وسؤالي: ما مذاهب العلماء في التسمية على الطعام الذي يجتمع عليه عدد من الناس. هل تجزئ تسمية الواحد في طعام الجماعة؟ بمعنى: هل تجزئ تسمية أحدهم عن الباقين، أم يلزم كل واحدٍ منهم أن يُسَمِّي الله تعالى؟
ولو قلنا بإلزام كل فرد بالتسمية بما في ذلك الأطفال الصغار حتى لا يستحل الشيطانُ الطعامَ من جهة الصغير، فإن ذلك فيه من الحرج لمن كان له صبية صغار يتعذر تذكيرهم بالتسمية عند كل وجبة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فخلاف العلماء في وجوب التسمية، أو استحبابها مشهور، والقول بوجوبها هو قول جماعة من الحنابلة كما في الإنصاف، وغيره، قال المرداوي في الإنصاف:.. وقيل: يجبان" أي التسمية، والأكل باليمين" اختاره ابن أبي موسى. انتهى.

وأما ما يتعلق بسؤالك، فقد ذهب الشافعية إلى أن التسمية سنة كفاية، وأنه لو سَمَّى البعض أجزأ عن الباقين، ولا ينفي ذلك أنها تستحب في حق الجميع عندهم كذلك. وذكر ابن مفلح أن الشافعي نص على هذا.

قال في مغني المحتاج: تُسَنُّ التَّسْمِيَةُ قَبْلَ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ، وَحَائِضٍ؛ لِلْأَمْرِ بِهَا فِي الْأَكْلِ، وَيُقَاسُ بِهِ الشُّرْبُ، وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ لُقْمَةٍ فَهُوَ حَسَنٌ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ لِلْجَمَاعَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَوَّلَهُ أَتَى بِهَا فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنْ تَرَكَهَا فِي أَثْنَائِهِ أَتَى بِهَا فِي آخِرِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَقَيَّأُ مَا أَكَلَهُ، أَوْ شَرِبَهُ. انتهى.

وذهب الحنابلة إلى أنها تسن في حق كل أحد، وأما الصبية الصغار غير المميزين فيسمى عنهم، ويسمي المميز بنفسه.

قال البهوتي في كشاف القناع: (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْآكِلُونَ (جَمَاعَةً سَمَّوْا كُلُّهُمْ)؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، (وَيُسَمِّي الْمُمَيَّزَ)؛ لِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ (وَيُسَمَّى عَمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا تَمْيِيزَ)؛ لِتَعَذُّرِهَا منه. انتهى.

وقول الحنابلة أقرب؛ لظاهر النصوص، قال السفاريني في غذاء الألباب: قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: " نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ إذَا سَمَّى وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ " قُلْت وَظَاهِرُ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَأْبَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَنَّهُ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ دُونَ مَنْعِ الشَّيْطَانِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني