الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء سكن بالأقساط بشرط فسخ العقد عند تأخر الدفع، ودفع عوض

السؤال

شراء وحدة سكنية بنظام الأقساط مع شرط جزائي: وقعت عقدا مع شركة مقاولات، على شراء وحدة سكنية، بأقساط سنوية، لمدة: 16 سنة، ومن شروط العقد أنه عند تعسر دفع الأقساط، مع انتهاء المهلة المحددة -مقدارها شهر- سيتم فسخ العقد، وإرجاع المبلغ للمشتري، مأخوذا منه: 30 بالمئة، كشرط جزائي لما لحق بالشركة من ضرر، فهل يجوز هذا الشرط، علما أنني وقعت على العقد، ودفعت مبلغا مقدما، بعد أن سألت، فقيل لي إن الشروط لا حرمة فيها، وبعد التوقيع ذكر لي أن بعض الشروط فيها حرمة، والمسألة فيها خلاف، وعند فسخ العقد سأكون مطالبا بدفع النسبة عن الشرط الجزائي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعقد الاستصناع لا يصح فيه الشرط الجزائي على المستصنع -المشتري- إذا تأخر في أداء الثمن؛ لأن الثمن دين في ذمته، والدين لا يصح الزيادة عليه بسبب التأخر في أدائه؛ لما في ذلك من معنى الربا.

جاء في المعيار المتعلق بالاستصناع من المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة، والمحاسبة، للمؤسسات المالية الإسلامية: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا غير مجحف، لتعويض المستصنع عن تأخير التسليم، بمبلغ يتفق عليه الطرفان، إذا لم يكن التأخير نتيجة لظروف قاهرة، أو طارئة، ولا يجوز الشرط الجزائي بالنسبة للمستصنع إذا تأخر في أداء الثمن. اهـ.

وجاء في القرار المتعلق بشأن الشرط الجزائي من قرارات مجمع الفقه الإسلامي: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً، فإن هذا من الربا الصريح، وبناء على هذا، فيجوز هذا الشرط - مثلاً - في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع، إذا لم ينفذ ما التزم به، أو تأخر في تنفيذه، ولا يجوز - مثلاً - في البيع بالتقسيط، بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية، سواء كان بسبب الإعسار، أو المماطلة، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصنع إذا تأخر في أداء ما عليه. اهـ.

ثم إن أصل اشتراط العوض لفسخ عقد البيع عموما: لا يصح، وهو أقرب إلى أكل المال بالباطل.

جاء في المعايير الشرعية في المعيار -54- المتعلق بفسخ العقود بالشرط: لا يجوز اشتراط العوض لفسخ العقد في عقد البيع. اهـ.

ويتأكد هذا على القول الراجح من أن الإقالة فسخ، وليست ببيع، فإن قبل البائع إقالة المشتري، فيجب عليه رد الثمن كله، دون نقص، كما سبق بيانه في الفتويين: 58367، 67021.

وعلى ذلك، فإن أمكن فسخ العقد دون ضرر مجحف يلحقك، أو أمكن تجديده لإلغاء هذا الشرط الفاسد، فلتفعل ذلك، وإلا فاستمر في العقد، لأن فسخه هو الذي سيتحقق به مقتضى الشرط الفاسد، كما قال السائل: وعند فسخ العقد سأكون مطالبا بدفع النسبة عن الشرط الجزائي - ولا إثم عليك بدخولك في هذا العقد، ما دمت كنت تجهل حرمته، فضلا عن أن تكون سألت عنه من تثق في علمه فأفتاك بجوازه!.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني