الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوزُ ضمان رأس المال في المضاربة إن تبرَّع به طرف ثالث؟

السؤال

إذا أردت دخول مشروع، وكان رأس المال من عندي، وعلى الطرف الثاني العمل، وهناك ربح. لكنني أخاف على رأس المال من الخسارة، وقرأت في فتاوى العلماء أن ضمان رأس المال محرم، وباطل، ويعتبر ربا.
فهل هناك طريقة شرعية أستطيع من خلالها أن أضمن رأس مالي إذا حدثت خسارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الخسارة في الشركات كالمضاربة، ونحوها تكون على رأس المال، ولا يجوز اشتراط ضمان رأس المال إلا في حالة التعدي، أو التفريط.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساويا في القدر، فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثا، فالوضيعة أثلاثا، لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، وغيرهما.

وفي شركة الوجوه تكون الوضيعة على قدر ملكيهما في المُشتَرى، سواء كان الربح بينهما كذلك، أو لم يكن، وسواء كانت الوضيعة لتلف، أو نقصان في الثمن عما اشتريا به، أو غير ذلك.

والوضيعة في المضاربة على المال خاصة، ليس على العامل منها شيء؛ لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بملك ربه، لا شيء للعامل فيه، فيكون نقصه من ماله دون غيره؛ وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء، فأشبه المساقاة، والمزارعة، فإن رب الأرض، والشجر يشارك العامل فيما يحدث من الزرع، والثمر، وإن تلف الشجر، أو هلك شيء من الأرض بغرق، أو غيره، لم يكن على العامل شيء. اهـ.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على أن الخسارة في الشركات عامة تكون على الشركاء جميعًا، بحسب رأس مال كل فيها، ولا يجوز اشتراط غير ذلك.

قال ابن عابدين: ولا خلاف أن اشتراط الوضيعة بخلاف قدر رأس المال باطل، كما اتفقوا على أن المضارب في المضاربة لا يتحمل شيئا من الخسارة، وتكون الخسارة كلها على رب المال، وذلك على خلاف الربح، فإنه يكون بحسب الشرط. اهـ.

وما ذكرناه هو الأصل في المضاربة أن رأس المال فيها لا يضمن، إلا إذا تعدى المضارب، أو فرط. ولكن إذا تبرع بالضمان طرف ثالث مستقل، أي ليس واحدا من طرفي عقد المضاربة جاز.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة ما يلي: ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار، أو صكوك المقارضة -المضاربة- على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته، وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع، بدون مقابل، بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد، وترتب أحكامه عليه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني