الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الزوج لزوجته: ما بيننا انتهى

السؤال

تزوجت منذ: 9 سنوات، وبعد سنتين رزقنا بطفلة، وبعد: 9 أشهر سافر زوجي للعمل في الخارج، لتحسين ظروفنا، وساعدته في ذلك، واتفقنا على أننا سنلتحق به بعد سنتين. وبدأ يختلق في كل مرة أعذارا، وكنت أصدقه، حتى انقضت: 6 سنوات، وكبرت طفلتنا، وزادت المسؤولية علي، ولم يكن معنا أحد إلا الله، وكنت مصرة على أن يأخذنا، أو ننفصل، فقال إذا الانفصال، فلم أصدق نفسي، ومرت سنتان وهو يرسل لنا مصروفا، ولا يتصل، وكنت أظن بأنه سيأتي في أي لحظة، وكنت أصبر، وأظن أنه يجمع المال من أجل استقدامنا، ولكنني بالصدفة اكتشفت زواجه من جنسية أخرى، فلم أصدق، وانهارت أعصابي، وأرسلت له باكية بأن عمري ضاع وأنا أنتظر، فكيف يكلفني بهذا؟ فقال الحلال، أم الحرام؟ ولم يعرض علي العدل بيننا، فطلبت الطلاق، فتركني ولم يرد، ولم يطلق، ولا يريدنا، فحاولت أن أستميله بصوري وذكرياتنا، لكنه رد بأن ما بيننا قد انتهى، فقلت له لماذا لا يتم الطلاق؟ فقال سوف أطلقك، ولكنه لا ينفذ، وعمري يضيع بلا سند، وأشعر بالظلم والقهر، وقد افترى علي هو وأهله، ولا أعرف ماذا قالوا عني. ولكن أخاه سألني ماذا حدث بينكما من خلاف؟ فأخبرته، فتضايق، وقال لقد أبلغونا جميعا بشيء آخر، فأرسلت له الدليل، فاعتذر نيابة عن أخيه وأسرته، وقال اصبري فسينصرك الله، وكنت ومازلت أوصيه فربما يعود لعقله، ويعرف أنه ترككم وظلمكم. فماذا أفعل؟ وهل هذا اختبار أم ابتلاء من الله؟ أشعر بالظلم والقهر، وهو يقول إنه لم يظلمني، ولن يدخل الجنة بشق مائل؟ وهو سعيد، ولا يريدنا، وقال لي ابقي هكذا يكفيك مصروفك أنت وابنتك، واحمدي الله على ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد يكون ما حدث لكِ نوعا من الابتلاء بمعنى أنه اختبار لكِ، والحياة دار ابتلاء، يبتلي الله فيها عباده بالخير والشر، فمن صبر كان له من الله تعالى الأجر العظيم، وللصبر فضائل كثيرة، ضمنا بعضها الفتوى: 18103، فراجعيها.

ولا يلزم أن يكون ما حدث عقوبة على ذنب، وجزاكِ الله خيرا على ما كان منكِ من مساعدة زوجكِ على السفر، وصبركِ على فراقه كل هذه المدة، وكان ينبغي له أن يحفظ لكِ هذا الجميل، ويقابل الإحسان بإحسان مثله، ويحسن عشرتكِ، كما أمره الله تبارك وتعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}.

والمعاشرة بالمعروف تعني كل معنى جميل من حسن المعاملة ونحو ذلك.

قال الجصاص في أحكام القرآن: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس، والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}.... انتهى.

ونوصي بأن يتدخل العقلاء من أهلكِ، وأهله ليناصحوه بأن يتقي الله فيكِ، ويذكروه بأن لكِ حقاً عليه، ويجتهدوا في محاولة إصلاح ما بينكِ وبينه، للحفاظ على بقاء الأسرة متماسكة؛ فالطلاق إذا حصل فقد تكون له آثاره السيئة على ابنتكم.

ومن حقكِ عليه أن يعدل بينكِ وبين زوجته الثانية، فالعدل واجب، ولو مع اختلاف بلدي الإقامة، وإن لم يعدل بينكما، فإنه ظالم قطعا، ولا يحل له أن يترككِ معلقة هكذا، فإما أن يمسك بمعروف، أو أن يفارق بإحسان، وإن تعذر الإصلاح، فارفعي أمركِ للقضاء.

وننبه إلى أن قول الزوج لزوجته: ما بيننا انتهى ـ كناية من كنايات الطلاق، يقع بها الطلاق إذا نواه الزوج.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 79215، ففيها بيان ضابط كنايات الطلاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني