الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حاول الانتحار ثم تاب ثم مات من أثر المحاولة

السؤال

ما حكم من حاول الانتحار ولم يمت، ولكن أصيب إصابة خطيرة. ثم ندم وتاب عما فعل، ثم توفي بعد سنة نتيجة الإصابة. فهل يعد مات منتحرًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يعتبر مثل هذا التائب منتحرًا، فالتوبة تصح من الانتحار، ومن سائر الذنوب ما دام العبد لم يعاين الموت، كما سبق في الفتوى: 115337

والتائب من أي ذنب كان توبته مقبولة، فمغفرة الله للتائبين لا يتعاظمها ذنب، فمن تاب صادقا فإن ذنبه مغفور مهما كان ذلك الذنب عظيما، قال تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والله تعالى غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب. والذنب وإن عظم، والكفر وإن غلظ وجسم فإن التوبة تمحو ذلك كله، والله -سبحانه- لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب. بل يغفر الشرك وغيره للتائبين، كما قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} وهذه الآية عامة مطلقة؛ لأنها للتائبين. اهـ.

وفي سنن ابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. حسن إسناده ابن حجر في فتح الباري.

فالتائب من الذنب لا يعاقب عليه في الدنيا، ولا في الآخرة.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ونحن حقيقة قولنا: أن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا ولا قدرًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني