الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف يمين طلاق ألا تزور زوجته أختها في سجن فزارتها في سجن آخر

السؤال

حلفت على زوجتي وقلت: عليَّ الطلاق بالثلاث لو ذهبتِ إلى هذا المكان تكونين طالقا بالثلاث، وهذا المكان هو سجن أختها بالقناطر. وبعد سنة من الحلف ذهبت إلى مكان آخر تم نقل أختها إليه حسب كلامها. فهل يقع الطلاق؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا؛ أنّك إذا حنثت في يمينك المذكورة في السؤال؛ وقع على زوجتك الطلاق الثلاث، وبانت منك بينونة كبرى، ولا تملك مراجعتها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه. وهذا قول أكثر العلماء.

لكن بعض أهل العلم يرى أنّ الزوج إذا لم يقصد إيقاع الطلاق باليمين، وإنما قصد التهديد ونحوه؛ فلا يقع طلاقه بالحنث، ولكن تلزمه كفارة يمين. وراجع التفصيل في الفتوى: 11592

فإن كنت نويت بيمينك منع زوجتك من زيارة أختها في أي سجن؛ فقد حنثت في يمينك، ووقع الطلاق الثلاث على زوجتك حسب المفتى به عندنا.

وأمّا إن كنت قصدت منعها من زيارة أختها في سجنها الذي أشرت إليه؛ فلا تحنث بزيارتها لها في غيره من السجون.

وإذا لم تكن لك نية معينة عند الحلف، ولكن السبب الذي حملك على اليمين يقتضي تخصيص المنع بوقت دون وقت، أو مكان دون مكان؛ فيمينك مخصوصة بهذا السبب.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في عمدة الفقه: باب جامع الأيمان: ويرجع فيها إلى النية فيما يحتمله اللفظ .......

فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها فيقوم مقام نيته؛ لدلالته عليها. فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه. انتهى.

وقال -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، ....... ومنها، أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

وننوه إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى.

وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ فينبغي الحذر من الوقوع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني