الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شروط تحمل الشهادة علم الشاهد بالمشهود به بنفسه لا بغيره

السؤال

طلب مني شخص الشهادة في ورقة تنازل، وعندما أتيت لم يكن الطرف الآخر موجودا، ولما سألته: أين الطرف الثاني؟ قال لي بأنهم سيأتون؛ فبصمت على الورقة. ولكني اشترطت عليه شرطا وهو أنهم إذا لم يأتوا وأسمع منهم مباشرة، فإني إذا دعيت للمحكمة لن أشهد إلا بأني بصمت، ولم يكن أحد موجودا من الطرف الثاني.
فهل أنا آثم؟ وماذا أفعل في حالة أن هذا كان خطأ؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخطأ السائل في فعله؛ فإن من شروط تحمل الشهادة- كما جاء في (الموسوعة الفقهية) -: أن يكون التحمل عن علم، أو عن معاينة للشيء المشهود به بنفسه لا بغيره؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يشهد بشهادة، فقال لي: "يا ابن عباس، لا تشهد إلا على ما يضيء لك كضياء هذه الشمس" وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الشمس. ولا يتم ذلك إلا بالعلم، أو المعاينة. اهـ.

وجاء فيها أيضا: الشهادة لا تجوز إلا بما علمه الشاهد؛ لقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}. وقوله - جل ذكره -: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون}، وقوله -سبحانه- حكاية عن قول إخوة يوسف: {وما شهدنا إلا بما علمنا}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا علمت مثل الشمس فاشهد، وإلا فدع". .. اهـ.

وجاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: أن يكون تحمل المشهود به بالمعاينة بنفسه، أي أن يكون الشاهد عاين ونظر الشيء بنفسه؛ لأنه قد ورد في الآية الجليلة: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون {الزخرف: 86} ... فلذلك إذا عاين الشاهد المشهود به بغيره أي أنه شاهد المشهود به شخص آخر وأخبر الشاهد، فأداؤه الشهادة على هذا الوجه بناء عن تحمله الشهادة على تلك الصورة غير صحيح، مثلا: لو تبايع شخصان مالا ولم يحضر الشاهد البيع والشراء بنفسه، إلا أنه أخبره رجلان بطريق الشهادة بوقوع البيع والشراء، فليس لذلك الرجل أن يشهد دعوى ذلك البيع كأنه شاهد البيع، فإذا شهد كان كاذبا في شهادته ... اهـ.

ولا يكفي شرط السائل على الطرف الحاضر أنه إذا دعي للمحكمة لن يشهد إلا بأنه بصم، ولم يكن أحد موجودا من الطرف الثاني؛ فإنه قد تكتفي بعض الجهات بالورقة المكتوبة التي بصم عليها السائل في إثبات الحق. ثم إنه لا يدري أيمتد أجله ليفعل ذلك أم لا يدركه أصلا.

ولذلك فإن على السائل أن يلقى الطرف الآخر ويصحح تحمله للشهادة، أو يتلف بصمته وشهادته على هذه الورقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني