الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من انصرف قبل طلوع الشمس لعذر هل ينال أجر حجة وعمرة

السؤال

سمعت حديثا مفاده أن من صلى الفجر في المسجد في جماعة، ثم ذكر الله، حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له أجر حجة، وعمرة،
وحاولت أن أعمل بهذا الحديث، ولكن سرعان ما يفرغ المسجد من المصلين بعد الفجر، فأظل وحدي مع الشيخ الذي ينتظر خروجي؛ ليغلق المسجد،
فأصاب بالإحراج، وأصلي الركعتين، ثم أخرج، وبعد خروجي أرى أن السماء قد أضاءت، ولكن وقت الشروق الموضح في ساعة المسجد لم يأت بعد.
فهل أكون قد طبقت هذا الحديث، إذا لم يأت وقت الشروق، حتى وإن أضاءت السماء؟ وهل أحصل على هذا الأجر، إن أكملت الذكر في طريقي إلى البيت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في سنن الترمذي عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ، وَعُمْرَةٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ.
قال
الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وحسنه الحافظ ابن حجر، وتابعه الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز -رحمهم الله-.

وشرط نيل هذا الأجر أن يصلي العبد الصبح، ويبقى في مصلاه حتى ترتفع الشمس، ثم يصلي الركعتين بعد إباحة النفل ‘ فإذا كنت صليت قبل طلوع الشمس، فيخشى عليك أن تكون صليت وقت النهي، ولذا ننصحك بالتفاهم مع راعي المسجد، فإن منعك من انتظار شروق الشمس، وكنت صادقا في عزمك على العمل بالحديث، وحيل بينك، وبينه، فنرجو لك حصول الثواب بنيتك، فقد روى البخاري، ومسلم في صحيحيهما، واللفظ لمسلم، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبّهِ -تَبَارَكَ، وَتَعَالَى-، قَالَ: إِنّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ، وَالسّيّئَاتِ. ثُمّ بَيّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمّ بِهَا، فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله -عَزّ وَجَلّ- عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَإِنْ هَمّ بِسَيّئَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً... وَإِنْ هَمّ بِهَا، فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً.
فهذا الحديث الشريف يفيد أن من عزم على فعل طاعة، وعقد قلبه على ذلك كتبها الله -تعالى- حسنة كاملة، قال
ابن حجر في الفتح: قال الطوفي: إنما كتبت الحسنة؛ لمجرد الإرادة؛ لأن إرادة الخير سبب إلى العمل، وإرادة الخير خير؛ لأن إرادة الخير من عمل القلب. اهـ.
والمقصود بالهم هنا: العزم المؤكد، والحرص على الفعل، كما ورد في الحديث الذي رواه
أحمد عن خريم بن فاتك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فمن هم بحسنة حتى يشعرها قلبه، ويعلم الله -عز وجل - ذلك منه كتبت له حسنة ....الحديث، وحسنه الأرناؤوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني