الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحق بالحضانة بعد المرأة المطلقة

السؤال

تزوجت رجلا يكبرني ب16 سنة، وانفصلت عنه بعد 6 أشهر من زواجي؛ لأسباب كثيرة، أنه سيء الخلق، والمعاملة لي أمام أهله، يضربني، ويهينني، ويمنعني من زيارة بيتي بإجباري بالبقاء في بيت أهله إلى أن اكتشفت خيانته لي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومواعدته للعديد من الفتيات، ومنهن متزوجات.
بعد ذلك اتخذت قرار الطلاق، وذلك لفشل محاولاتي معه بالإصلاح. انفصلت عنه بعد 6 أشهر من الزواج، وكنت حاملا في الشهر الثالث -تقريبا-،علما أن لديه
خبر بحملي، ووقت إنجابي. وقع الطلاق من المحكمة بعد أن أنجبت طفلتي. الأهم في كل ذلك ( الآن عمر ابنتي ما يقارب ال4 سنوات ونصف، وإلى الآن لم يرها ولا مرة، ولم يفكر حتى بالسؤال عنها، ولم يقترح ذلك لا على الأهل، ولا في المحكمة، ولم يكن ينفق عليها لمدة أشهر رغم أن وضعه المادي ممتاز إلى أن تقدمت بدعوى؛ لإجباره على النفقة. ابنتي الآن لا تعرف من أبوها، ولم تره من قبل، ولا تعرف أي أحد من أهل بيته. ولم يحاول أحد من أهله، لا أمه، ولا أخوه، ولا أخواته، ولا أحد من أقاربه السؤال عنها، أو طلب رؤيتها، لذلك اضطررت أن أخبرها أن أباها مسافر، وعندما يرجع سوف تراه، وذلك خوفا من إلحاق الضرر النفسي بها خاصة إذا قام أحد بسؤالها عن والدها. وابنتي الآن متعلقة بي، وبأهلي لدرجة كبيرة جدا، ولا تندمج إلا معنا، فما حكم الأب الذي لم يسأل عن طفلته إلى الآن، ولم يرها، ويسبب لها كل هذا الفقد؟ بحثت طويلا في الإنترنت عن حضانة الطفل بعد وفاة الأم، أو زواجها، ولم أجد إلا ( أن حضانة الطفل لأمه إلى سن معينة، ثم تسقط بالزواج، أو بشروط معينة، بعد ذلك تذهب لأم الأم، ثم لأم الأب، ثم للأب، أو أخته) بعد زواجي، أو وفاتي، وإذا لم تتوفر في والدتي شروط، كوفاتها -لا قدر الله-، أو عدم قدرتها على رعاية ابنتي؛ لتقدمها في السن مثلا)، هل ستذهب فعلا الحضانة لأهل الزوج، أمه، أو أخته، أو للأب نفسه؟ علما أنهم لا يعرفونها، ولا تعرفهم، وسبق أن أخبرتكم بسوء أخلاق طليقي، وهل أن الإسلام لم يقترح أسبابا معينة كهذه مثلا تمنع الأب، وأهله من حق الحضانة؟
علما أن طفلتي قد يلحق بها الضرر النفسي، والصدمة التي قد لا تشفى منها مما سينعكس سلبا على حياتها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأب الذي يترك ابنته، ولا يسأل عنها زمنا طويلا دون عذر؛ فهو آثم إثما عظيما؛ ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

وأمّا الحضانة، فهي للأمّ ما دامت أهلا للحضانة، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم؛ أمّا إذا قام بالأمّ مانع من موانع الحضانة؛ فقد اختلف أهل العلم في ترتيب مستحقي الحضانة بعدها، والجمهور على أنها تنتقل بعدها لأمّ الامّ، ولمعرفة تفصيل المذاهب في ترتيب مستحقي الحضانة راجعي الفتوى: 6256، وراجعي للفائدة الفتوى: 148345

وعند انتقال الحضانة للأب يشترط أن تكون معه امرأة تقوم بالحضانة، وانظري الفتوى: 96892

وقد اشترط العلماء في الحاضن شروطا تضمن مصلحة المحضون؛ فإذا فقدت هذه الشروط، أو بعضها سقطت الحضانة، وانتقلت إلى من بعده ممن تتوفر فيه الشروط، ونصّ بعض أهل العلم على أنّ مصلحة المحضون مقدمة على غيرها من الأمور المرجحة لاستحقاق الحضانة، قال ابن القيم -رحمه الله- بعد أن ذكر أقوال العلماء في حكم الحضانة عند سفر أحد الأبوين: وهذه أقوالٌ كُلها -كما ترى- لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلبُ إليه. فالصوابُ النظر، والاحتياط للطفل في الأصلح له، والأنفع مِن الإِقامة، أو النقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له، وأصونَ، وأحفظَ، روعي، ولا تأثيرَ لإِقامة، ولا نقلة. انتهى، وراجعي الفتوى: 9779.

وإن حصل نزاع في أمر الحضانة، واستحقاقها، ووجود ما يسقطها، فالفيصل المحكمة الشرعية. وينبغي للوالدين التوافق قدر الإمكان، ومراعاة مصلحة الأولاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني