الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَنْ حَفِظَ حجةٌ على مَنْ لم يَحْفَظْ

السؤال

في رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لعن الربا وآكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وفي روايات أخرى في البخاري ومسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- لعن الربا وآكله ومؤكله ولم يذكر كاتبه وشاهديه. فهل يمكن الأخذ بأي من الروايتين على سواء؟ ولماذا؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام ذِكْر: الكاتب والشاهد، صحيح ثابت، فيجب الأخذ به، والعمل بمقتضاه؛ لأنه لا يتعارض مع الرواية المختصرة. وفيه زيادة علم. والقاعدة عند أهل العلم أن: من حفظ حجة على من لم يحفظ، والمُثْبِت مقدَّم على النافي، فما بالك بالساكت؟

وهنا ننبه على أن لهذا الحديث مخارج متعددة، فهو مروي عن عدة من الصحابة، كابن مسعود وجابر بن عبد الله، وأبي جُحيفة، وغيرهم. وذكر الكاتب والشاهد ثابت في صحيح مسلم من حديث جابر.

وأما البخاري فرواه من حديث أبي جحيفة دون ذكر الكاتب والشاهد في متن الحديث، لكنه ذكرهما ترجمة الباب فقال: بَاب: ‌آكِلِ ‌الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ. قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: وأما شاهداه وكاتبه، فإنما ذكروا مع آكله، لأن كل من أعان على معصية الله -تعالى- فهو شريك في إثمها بقدر سعيه وعمله إذا علمه، وكان يلزم الكاتبَ ألا يكتب ما لا يجوز، والشاهدين ألا يشهدا على جواز ما حرم الله رسوله إذا علموا ذلك، فكل واحد منهما له حظه من الإثم، ألا ترى أن النبي لم يشهد لأبي النعمان بن بشير حين تبين له إيثاره للنعمان وقال: (لا أشهد على جور)، وقد روى معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، أن النبي -عليه السلام- قال: (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه)، فسوى بينهم في الإثم، ولهذا الحديث ترجم البخاري بهذه الترجمة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني