الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الرجل إذا لم يتزوج ممن تعشقه وترفض الخُطَّاب من أجله؟

السؤال

أنا شاب متزوج منذ ثمانية أعوام، ولديَّ ثلاثة أولاد، زوجتي بارَّة بي، ولا ينقصني منها شيء، ولله الحمد، وقد عَلِمْتُ من أختي، وتأكد لي بأن هناك فتاة ثلاثينية تعشقني، وأفادت بأنها لا تستطيع تَقَبُّلَ فكرة أن تكون زوجة لأحد غيري أبدًا، وقد حَاوَلَتْ الارتباط ثلاث مرات إرضاءً لأهلها، وأخذًا بالأسباب، للتعافي من عشقها، ولكنها لم تستطع الاستمرار، وأكدت أنها لم تستطع مغالبة قلبها عني حتى بعد زواجي، ولم يستقر قلبها إلا لي أنا، مع تعرضها لكثير من الشتم والضرب من أهلها، والطعن بشرفها، جراء رفضها للزواج، وتعدد فسخ الخطَّاب.
هي فتاة مؤمنة، حافظة لكتاب الله كاملًا، وملتزمة جدًّا، ولا أزكيها على الله. وعليه؛ فقد عرضتُ فكرة التعدد على زوجتي، لا سيما أني -ولله الفضل- ميسور الحال، وصحيح البدن، ولكن زوجتي رفضت من باب حبها لي، وغيرة عليَّ، والخوف من كلام الناس، وتهكمهم عليها، وخاصة أننا أهل ريف.
فهل تركي لهذه الفتاة، وعدم الزواج منها، بعد علمي بحبها لي، وتضحيتها، وتحملها الأذى اللفظي، والفعلي، والتهم التي طالتها، يجعل في رقبتي مظلمة لها أمام الله؟
فأنا بين مخافتين: مخافة إغضاب زوجتي الأولى وظلمها، ومخافة أن أحمل ظلم هذه الفتاة، فيغضب الله عليَّ.
مع العلم أن من شجعني على طلب فتواكم الكريمة، هي زوجتي، لما رأت من الهمِّ والضيق الذي أصابني.
أفيدوني، ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجب عليك الزواج من الفتاة المذكورة، وإذا تركتَها ولم تتزوجها؛ فلا حرج عليك، ولا تكون ظالمًا لها.

وإذا أردت الزواج منها، وكنت قادرًا على العدل بينها وبين زوجتك الأولى؛ فلا حرج عليك أيضًا.

لكن نصيحتنا لك أن تفكر في أمرك، وتنظر في العواقب، وتوازن بين المنافع والمضار المترتبة على زواجك من هذه الفتاة، فإن رأيت أنَّ زواجك منها قد يفسد علاقتك بزوجتك، وربما يشتت الأسرة؛ فلا تقدم على الزواج منها، وراجع الفتوى: 321559.

وإذا لم تكن لك حاجة في الزواج بأخرى، فالأولى ألا تتزوج على زوجتك، ما دامت صالحة، محسنة في عشرتها لك، فقد ذكر أهل العلم أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الزواج على خديجة -رضي الله عنها- في حياتها، وفاءً وإكرامًا لها.

قال ابن حجر -رحمه الله-: ومما كافأ النبي -صلى الله عليه وسلم- به خديجة في الدنيا، أنه لم يتزوج في حياتها غيرها. اهـ

وقد جاء في فتح القدير للكمال ابن الهمام: وَقَالُوا: إذَا تَرَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ كَيْ لَا يُدْخِلَ الْغَمَّ عَلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، كَانَ مَأْجُورًا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني