الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزويج المرأة نفسها بدون ولي

السؤال

ابنتي مطلقة، وتعمل، وكانت تسكن معنا. تعرَّفتْ على شخص من غير بلدنا، لا يتكلم العربية، وأصرَّت عليه، لكن والدها رفض، بحكم العادات والتقاليد، كانت ترفض أي شخص يتقدم لها.
وبعد فترة هربت مع الشخص المذكور، وأرسلت لي رسالة بأنها متزوجة منه منذ أكثر من ستة أشهر، وتحذرني أن أُبْعِدَ والدها وإخوانها من أن يؤذوها هي وزوجها، وأنا في حيرة، وألم، وحسرة. هل زواجها صحيح شرعاً؟ مع العلم أنها لم ترسل لنا ما يثبت زواجها، ولا نعلم أين تسكن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يجوز لولي المرأة رفضه لمن تقدم لموليته، إذا كان صاحب دين وخلق.

ففي الحديث: إذا أتاكم من ترضون خلقه، ودينه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.

وقد كفلت الشريعة المباركة للمرأة حق اختيار الزوج، فإذا ما وافقت على رجل، وكان كفؤا لها، فلا يجوز لأبيها رفض تزويجها، فإذا فعل كان عاضلًا، وينتقل أمر الولاية إلى من بعده من الأولياء، أو إلى السلطان على خلاف بين العلماء.

فقد جاء في الفتاوى الهندية: وأجمعوا أن الأقرب، إذا عضل، تنتقل الولاية للأبعد. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر، وذكر ذلك عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وشريح، وبه قال الشافعي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له. انتهى.

وقال -أيضًا- في المغني: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها، إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.... إلى أن قال: فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها، فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا؛ لأنه لو زوجت من غير كفئها، كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. انتهى.

وبناء عليه؛ فينبغي أن تسأليها عما عملته، وكيف تزوجت، فإن كانت تزوجت عن طريق المحكمة الشرعية، أو مركز إسلامي، فزواجها صحيح.

أما إن كانت زوجت نفسها بهذا الرجل، وأشهدوا الشهود، فهذا النكاح فاسد عند الجمهور، لحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل -ثلاث مرات-، فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي.

لكن من أهل العلم من صححه. وراجعي تفصيل ذلك في الفتوى: 110722.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني