الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاغتسال في أحواض السباحة

السؤال

أحواض السباحة التي يُجدد ماؤها كل يومين، أو نحوهما، ومقدار مائها فوق القلتين، هل تعد من الماء الدائم، أم الراكد، أم الجاري فقهًا؟ وما أدلة القائلين بارتفاع حدث الجنابة للمنغمس بالماء الدائم، أو الراكد؟ وكيف أجابوا عن الاستدلال بقاعدة أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن أحواض السباحة التي يتجدد ماؤها كل يوم، أو يومين ليست كالماء الراكد، أو الدائم الذي لا يجري، ولا يُغير.

قال العراقي في طرح التثريب: الدائم بالدال المهملة من قولهم دام بالمكان، أي أقام به، وهو الراكد، والناقع، كما تقدم، وقوله بعده: (الذي لا يجري)، هل هو على سبيل الإيضاح، والبيان، أم له معنى آخر؟ وبالأول جزم ابن دقيق العيد، وبه صدر النووي كلامه، ثم قال: ويحتمل أنه احترز به عن راكد لا يجري بعضه، كالبرك، ونحوها هكذا في النسخ الصحيحة من شرح مسلم، ولعله عن راكد يجري بعضه، أي فليس بمحل النهي، فأما الراكد الذي لا يجري بعضه، فإنه لا يحترز عنه؛ لأنه في حكم الراكد، والله أعلم.

وقال العيني في عمدة القاري: ويقال الدائم الثابت الواقف الذي لا يجري. وقوله: (لا يجري)، إيضاح لمعناه، وتأكيد له، ويقال: الدائم الراكد، جاء في بعض الروايات، ويقال: احترز بقوله: (الذي لا يجري) عن راكد يجري بعضه، كالبرك. اهـ.

وكثير من أهل العلم حمل حديث الإمام مسلم: لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَهْوَ جُنُبٌ. على الكراهة، لا التحريم.

جاء في شرح صحيح مسلم للنووي: فقال العلماء من أصحابنا، وغيرهم: يكره الاغتسال في الماء الراكد، قليلا كان، أو كثيرا، وكذا يكره الاغتسال في العين الجارية، قال الشافعي -رحمه الله تعالى- في البويطي: أكره للجنب أن يغتسل في البئر معينة، كانت، أو دائمة، وفي الماء الراكد الذي لا يجري. قال الشافعي: وسواء قليل الراكد، وكثيره، أكره الاغتسال فيه، هذا نصه، وكذا صرح أصحابنا، وغيرهم بمعناه، وهذا كله على كراهة التنزيه لا التحريم. اهـ.

والنهي الذي يقتضي الفساد إنما هو النهي المحمول على التحريم دون الكراهة.

قال الزركشي في البحر المحيط: [ النهي الذي للتنزيه لا يقتضي الفساد ] الأمر الرابع: أن محل الخلاف في أن النهي يقتضي الفساد، أو لا ؟ إنما هو النهي الذي للتحريم؛ لما بين الصحة، والتحريم من التضاد، أما النهي الذي للتنزيه، فقال الهندي في النهاية " : لا خلاف على ما يشعر به كلامهم، وقد صرح بذلك بعض المصنفين. انتهى. أي: لا خلاف في عدم اقتضائه الفساد؛ إذ لا تضاد بين الاعتداد بالشيء مع كونه مكروها. اهـ.

وللمزيد عن أدلة القائلين بارتفاع الجنابة للمنغمس بالماء الدائم، أو الراكد، انظر الفتوى: 64017وهي بعنوان " أدلة القائلين بأن الماء المستعمل يرفع الحدث"

وانظر -أيضا- الفتوى:120368

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني