الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الشريك لشريكه: أنا أفكر في إنهاء الشركة؛ لا يعد فسخا للشركة

السؤال

أنا أعمل بالتجارة الإلكترونية، ومنذ 5 سنوات تشاركت مع شخص هو يدفع نصف رأس المال، وأنا النصف، وأنا أعمل، وهو لا يعمل، واتفقت معه على أن لي نسبة 65 %، وهو 35 %، وبعد مرور سنتين وجدت هذا العمل لا يأتي شهريا، إلا بمبلغ يعادل مصاريفي الشهرية، ولا أستطيع أن أدفع له نسبته، فقلت له: أنا أفكر أن نتخلص من الشركة، وكنت أظن وقتها أنني من الناحية الشرعية لا أستطيع أن أنهي الشراكة، حتى يقبل، وسألني هو في وقتها، إذا أنهينا الشراكة، كم ستكون حصتي؟ قلت له: بين كذا، وكذا، إذا وافقت سأعطيك رقما محددا، قال سأفكر بالموضوع، وحتى الآن لم يرد لي خبرا، وأنا سألت زوجته كوننا أقارب، قالت لي: هو محرج منك أن يقول: لا يريد أن ينهي الشراكة. -فعليا- أنا تهت، والحساب التابع له يزيد، ولكن على الورق، وتتراكم كدين عليَّ شهريا؛ بسبب أن العمل لا يعطي أكثر من مصاريفي، وأنا مسؤول عن مصاريف أهلي.
سؤالي هنا -لو سمحتم-، هل عندما قلت له منذ 3 سنوات: أنني أفكر أن أنهي الشراكة تعتبر الشراكة قد انتهت منذ ذلك الوقت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما زاد السائل على إخبار شريكه بأنه يريد فض الشراكة في مقابل رقم محدد يعطيه إياه، وقد رد شريكه بأنه سيفكر بالموضوع، وبقي الأمر معلقا عند هذا الحد لمدة سنوات.

وهذا ليس فسخا، وإنما تفاوض على الفسخ، فإنه لم يحصل فيه جزم بحل العقد.

قال السبكي في «الأشباه والنظائر»: الفسخ ‌حل ‌ارتباط ‌العقد. اهـ.

وكون الشركة عقدا جائزا، لا لازما، لا يعني عدم الحاجة عند فسخها إلى صيغة تدل عليه، وإنما يعني أن فسخها لا يفتقر إلى قبول ذلك من الشريك الآخر، فلو أوجب أحد الشركين فسخ الشركة انفسخت، ولو لم يقبل شريكه.

قال السيوطي في «الأشباه والنظائر»: ‌يغتفر ‌في ‌الفسوخ ما لا يغتفر في العقود، ومن ثَمَّ لم يحتج إلى قبول. اهـ.

والسائل لم يذكر إيجابا منه لفسخ العقد، وإنما فاوض عليه شريكه فحسب.

وعلى أية حال، فالفصل في قضايا المنازعات، والحقوق المشتركة محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني