الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من هم أولياء دم القتيل؟

السؤال

امرأة قتل زوجها بعد طلاقها، ولها ولدان قاصران، وله أختان، وأعمام، فمن له الحق في التنازل، وقبول الدية؟ بمعنى من هم أولياء الدم في هذه الحالة؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التنازل عن الدم مرغب فيه شرعا، وهو حق لجميع الورثة من الرجال والنساء، كبارا وصغارا، وهذا مذهب الجمهور.

وقد بوب على هذا أبو داود في سننه، فقال: باب عفو النساء عن الدم.

وبوب عليه ابن تيمية في المنتقى، فقال: باب في أن الدم حق لجميع الورثة من الرجال والنساء، وقد ذكرا في هذا حديث عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول، فالأول، وإن كانت امرأة، قال أبو داود: بلغني أن عفو النساء في القتل جائز، إذا كانت إحدى الأولياء. اهـ.

وروى عبد الرزاق عن زيد بن وهب الجهني قال: أتي عمر -رضي الله عنه- برجل قتل قتيلا، فجاء ورثة المقتول؛ ليقتلوه، فقالت امرأة المقتول -وهي أخت القاتل-: قد عفوت عن حقي، فقال عمر: الله أكبر عتق القتيل. وهذا الأثر صححه الألباني في الإرواء.

وقيل: إن العفو خاص بالعصبة، وقيل: إنه خاص بالذكور. وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المراد بالولي في الآية: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ـ الورثة من ذوي الأنساب، والأسباب، والرجال، والنساء، والصغار، والكبار، فإن عفا من له ذلك منهم صح عفوه، وسقط به القصاص، وتعينت الدية لمن لم يعف، وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي -رحمهم الله تعالى-....انتهى.

ثم ذكر مذهب مالك في ذلك، ثم قال: الذي يقتضي الدليل رجحانه عندي في هذه المسألة: أن الولي في هذه الآية هم الورثة ذكورا كانوا، أو إناثا، ولا مانع من إطلاق الولي على الأنثى؛ لأن المراد جنس الولي الشامل لكل من انعقد بينه، وبين غيره سبب يجعل كلا منهما يوالي الآخر، كقوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض {9ـ 71} وقوله: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض… {الآية: 8 ـ75}، والدليل على شمول الولي في الآية للوارثات من النساء، ولو بالزوجية، الحديث الوارد بذلك، قال أبو داود في سننه: باب عفو النساء عن الدم، حدثنا داود بن رشيد، ثنا الوليد عن الأزواعي: أنه سمع حصنا، أنه سمع أبا سلمة يخبر عن عائشة ـرضي الله عنهاـ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: على المقتتلين أن ينحجزوا، الأول، فالأول، وإن كانت امرأة. اهـ.

وبناء عليه، فإن ولاية هذا الميت، وحق التنازل عنه يدخل فيها كل ورثته بمن فيهم زوجته المطلقة، إن كانت وارثة على الراجح، بأن كان طلاقها رجعيا، وتوفي الزوج قبل انتهاء عدتها منه.

وتراجع الفتوى:150981

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني