الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صور المقاولة التي لا تصح

السؤال

والدي يعمل مهندساً مدنياً يقوم بإخراج رخص البناء وما شابه ذلك ولكن في بعض الحالات تأتي له بعض الأعمال في التعهدات فمثلاً يأتيه شخص ويقول له خذ هذا المنزل اهدمه وعمر لي مكانه منزلاً جديداً فيوقعون العقد هكذا، بعد أن يتم الانتهاء من العمل يحصل والدي على المبلغ الذي وضعه في العمل مضافاً إليه نسبة 10 بالمائة كأتعاب وربح، السؤال: هل يجوز ذلك شرعاً أم أنه يعتبر ربا كما قال له أحد شيوخ الجوامع لأنه يحوي نسبة مئوية وذلك لا يجوز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المقاولة تنقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يتولى المقاول العمل دون أن يكون عليه شيء آخر، فالمواد والأدوات وغيرها كل ذلك يكون على الطرف الآخر، وهذا النوع من المقاولة محض إجارة على عمل، فيشترط فيه ما يشترط في الإجارة فقط.

أما القسم الآخر: وهو أن يتولى المقاول جميع المواد والعمل، فهذا يدخل في عقد الاستصناع وتجري عليه أحكامه، وقد أجبنا عنه برقم: 8515 فليرجع إليه.

والخلاصة أن الجمهور يشترطون في ذلك شروط السلم والحنفية يعتبرونه عقداً من نوع خاص، فلا هو ببيع ولا هو سلم، ولكنهم يشترطون انضباط العقد بما يرفع الجهالة والغرر.

أما الصورة المذكورة في السؤال فهي صورة ثالثة، فلا هي من الصورة الأولى حيث إن المستأجر لا يدفع التكاليف من عنده، ولا هي من الصورة الثانية، لأن العوض فيها ليس مقطوعاً، بل هو نسبة من التكاليف، فيكون العقد قد احتوى على الجهالة في الأجرة، فيكون ممنوعاً من جهة الجهالة والغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.

أما من جهة الربا، فإن قول السائل: مضافاً إليه نسبة عشرة بالمائة كأتعاب وربح، يحتمل أنه يريد بقوله وربح: أن مجموع العشرة بالمائة منه ما هو في مقابل القرض، ومنه ما هو في مقابل العمل، وإذا كان هذا الاحتمال واقعاً، فإن هذا هو عين الربا، وهذا هو الظاهر من السؤال، وإذا كان المقصود أن مبلغ العشرة في المائة إنما في مقابل العمل فقط، فإن المسألة تمنع لسبب آخر وهو جهالة عوض الأجرة.

قال ابن قدامة في المغني: يشترط في عوض الإجارة كونه معلوماً. لا نعلم في ذلك خلافاً، وذلك لأنه عوض في عقد معاوضة، فوجب أن يكون معلوماً، كالثمن في البيع، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره.

وقدر الأجرة مجهول الآن لأنه لن يتحدد إلا بعد الانتهاء من العمل.

والمخرج من ذلك: أن يتم الاتفاق على أجرة معلومة ويتحمل المستأجر كافة التكاليف، أو يتم الاتفاق على مبلغ مقطوع ويدفع في مجلس العقد، كما هو الحال في عقد السلم مع الالتزام بشروط السلم الأخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني