الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول الراجح فيما يجب غسله مما أصابه المذي

السؤال

يا شيخ : لما يصيب العضو الذكري أو الأنثوي نجاسة من مذي مثلا، هل لا بد أن أغسل العضو مع الاثنيين يعني أريد أن أعرف الخلاف في الاثنتين وغسلها مع الترجيح،
لو أصابت ثوبي نجاسة من دم حيض أو أي نجاسة أخرى كيف أستطيع أن أنظف النجاسة يعني ما هي الطرق في ذلك، مع الدليل؟ وجزيتم خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح أنه يجب غسل ما أصابه المذي من الذكر أو الأنثيين فقط، ولا يجب غسلهما كلهما عند عدم تلوثهما بشيء منه عند جماهير أهل العلم. وإليك طائفة من أقوالهم وأدلتهم مع الرد على المخالف، قال الإمام النووي رحمه الله: وأنه يستحب الاحتياط في استيفاء المقصود، ولهذا أمر بغسل الذكر، والواجب منه موضع النجاسة فقط، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وعن مالك وأحمد رواية أنه يجب غسل كل الذكر، وعن أحمد رواية أنه يجب غسل الذكر والأنثيين. دليلنا ما روى سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر من الغسل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء. رواه أبو داود، وقال: حديث حسن صحيح، وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من المذي الوضوء. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأما الأمر بغسل الذكر في حديث المقداد فعلى الاستحباب، أو أن المراد بعض الذكر، وهو ما أصابه المذي، وأما حديث عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: ذلك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة. رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، فمحمول على ما إذا أصاب الذكر والأنثيين، أو على الاستحباب لاحتمال إصابة ذلك. والله أعلم.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: واستدل أيضا بما في الباب على وجوب غسل الذكر والأنثيين على الممذي وإن كان محل المذي بعضا منهما، وإليه ذهب الأوزاعي وبعض الحنابلة وبعض المالكية، وذهبت العترة والفريقان وهو قول الجمهور إلى أن الواجب غسل المحل الذي أصابه المذي من البدن ولا يجب تعميم الذكر والأنثيين، ويؤيد ذلك ما عند الإسماعيلي في رواية بلفظ: توضأ واغسله، فأعاد الضمير على المذي. ومن العجيب أن ابن حزم مع ظاهريته ذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور، وقال: إيجاب غسل كله شرع لا دليل عليه، وهذا بعد أن روى حديث: فليغسل ذكره. وحديث: واغسل ذكرك، ولم يقدح في صحتهما، وغاب عنه أن الذكر حقيقة لجميعه ومجازا لبعضه، وكذلك الأنثيان حقيقة لجميعهما فكان اللائق بظاهريته الذهاب إلى ما ذهب إليه الأولون. واختلف الفقهاء هل المعنى معقول أم هو حكم تعبدي؟ وعلى الثاني تجب النية، وقيل: الأمر بغسل ذلك ليتقلص الذكر قاله الطحاوي.

وأما غسل النجاسة كدم الحيض ونحوه فإنه يجب غسلها حتى تزول عينها ولونها وطعمها ولو بغسلة واحدة، وخرج عن هذا نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما فإنه يجب غسلها سبع مرات إحداهن بالتراب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني