الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفقة الزوجة الواجبة وغير الواجبة

السؤال

جزيتم خيرا على هذا الموقع الرائع .. وأتمنى أن تجيبوني على سؤالي لأني أخشى أن أكون مذنبة على ما أفعل.. السؤال هو:
أني متزوجة من رجل لا يعطيني المصروف في يدي وإنما إذا أردت حاجة يذهب معي لشرائها و يدفع من جيبه .. وكما تعلمون أن للمرأة حاجاتها الخاصة وحين أقول له ذلك تحدث مشادات بيننا وبعدها يعطيني (أي بين فترة وأخرى).. وعندما يعطيني تظل عينه على ما عندي .. و يرجع يطلب ما أعطاني إياه كسلف وسيرجعه.. ولكنه يتأخر في إرجاعه إلي و أنا في حاجة إليه.. وحين أطلبه منه يحدث نزاع بيننا ومشاكل.. لهذا اليوم حين يعطيني بعض المال - وكما قلت سابقا بين فترة وأخرى - و يطلبه مني لا أعطيه إياه وأدعي أني صرفته ولا أملك شيئا وهو موجود.. فأكذب عليه حتى لا تحدث مشادات بيننا بسبب المال.. ويصدق ذلك فهل يقع علي ذنب في ما أفعل أرجوكم أفيدوني في ذلك.. علما بأن هذا المال خرج بعد مشاحنات من جيب زوجي وأعطاني إياه برضاه.. والمشكلة أنه يملك هذا الطبع السيء فماذا أفعل وأنا أحتاج إلى المال.. أفيدوني جزيتم خيرا..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيلزم الزوج أن يملك الزوجة النفقة الواجبة عليه عند صباح كل يوم ، فإن لم يملكها ورضيت هي بما مكنها من النفقة التي يحضرها إلى المنزل من طعام وشراب وكساء فتكون قد أسقطت حقها، فليس لها المطالبة بالنفقة فيما مضى من الزمن لأنها قد رضيت بالتمكين بدلا من التمليك .

وهذا الكلام كله في النفقة الواجبة التي بينها النووي رحمه الله بقوله: في المنهاج حيث قال مع بعض الاختصار في كلامه:

على موسر لزوجته كل يوم مدا طعام , ومعسر مد , ومتوسط مد ونصف , ... والواجب غالب قوت البلد قلت : فإن اختلف وجب لائق به , ويعتبر اليسار وغيره طلوع الفجر - أي من فجر كل يوم فينظر فيما عنده من المال ويوزع على مؤنة - , وعليه تمليكها حبا , وكذا طحنه وخبزه في الأصح .

...ولو أكلت معه على العادة سقطت نفقتها في الأصح . قلت : إلا أن تكون غير رشيدة ولم يأذن وليها .

ويجب أدم غالب البلد كزيت وسمن وجبن وتمر , ويختلف بالفصول -أي بفصول السنة- , ويقدره قاض باجتهاده , ويفاوت بين موسر وغيره , ولحم يليق بيساره وإعساره كعادة البلد , ولو كانت تأكل الخبز وحده وجب الأدم .

وكسوة تكفيها , فيجب قميص , وسراويل وخمار ومكعب , ويزيد في الشتاء جبة , وجنسها قطن , فإن جرت عادة البلد لمثله بكتان أو حرير وجب في الأصح ، ويجب ما تقعد عليه كزلية أو لبد أو حصير , وكذا فراش للنوم في الأصح , ومخدة ولحاف في الشتاء ، وآلة تنظيف كمشط , ودهن , وما تغسل به الرأس ... , لا كحل وخضاب وما تزين به , ودواء مرض , وأجرة طبيب وحاجم - أي لا يجب عليه الستة الماضية - .

ولها طعام أيام المرض وأدمها والأصح وجوب أجرة حمام بحسب العادة , وثمن ماء غسل جماع ونفاس , في الأصح، لا حيض واحتلام في الأصح .

ولها آلات أكل وشرب وطبخ كقدر وقصعة وكوز وجرة ونحوها .

ومسكن يليق بها , ولا يشترط كونه ملكه . ... وتعطى الكسوة أول شتاء و صيف , فإن تلفت فيه بلا تقصير لم تبدل ... ولو لم يكس مدة فدين –أي دين على الزوج يجب عليه دفعه- .اهـ

أما غيرها من النفقات فلا يلزم الزوج بل هو تبرع، ولا يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير رضاه في غير النفقة الواجبة، فإن أخذت وجب عليها رده بأي طريقة مناسبة، وهذه بعض نصوص أهل العلم الدالة على ما ذكرنا .

قال شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري في شرح منهج الطلاب : ( وتسقط نفقتها بأكلها عنده ) برضاها ( كالعادة وهي رشيدة أو ) غير رشيدة , وقد ( أذن وليها ) عنده لاكتفاء الزوجات به في الأعصار وجريان الناس عليه فيها فإن كانت غير رشيدة , وأكلت بغير إذن وليها لم تسقط بذلك نفقتها اهـ

وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم . إلا أن يتفقا على تأخيرها , أو تعجيلها مدة قليلة , أو كثيرة : فيجوز ) . وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . اهـ

وأما ما يعطيك من المال الزائد على النفقة الواجبة على وجه التمليك فقد أصبح المال حقا لك وليس له الرجوع فيه، ولك أن تكذبي عليه لدفع الخصام، وإن كان إنما أعطاك لشراء ما يلزم البيت وإرجاع الباقي، فليس لك أن تأخذي إلا بقدر حاجة البيت، ويجب عليك رد الباقي، ويحرم عليك أخذه ويحرم عليك الكذب في هذه الحالة أيضا لأنه أصبح طريقا لأخذ حق الغير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني