الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزكية النفس بالحلف بين الإباحة والحرمة الغليظة

السؤال

هل يجوز فقهيا"ورود الألفاظ التي تشير إلى تخلّق الحالف بصفات الفضيلة المطلقة في صياغة اليمينكقوله:أحلف بالله بأني- صالح - ومدرك وملتزم بالحقوق والواجبات الشرعية- و متبني للضوابط السلوكية الإسلامية.بالنظر إلى مخالفة المضمون القطعي لهذه العبارات لما يقبله العقل السليم من المبادئ العرفية المتعلقة بكون -كل ابن آدم خطاء- كما ورد في الحديث و رواه الحاكم وصححه.وقد جاء في كتاب الله - فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى- إن الإنسان لربه لكنود- وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.وقد استأثر الله بالثناء المطلق لذاته العلية في قوله -الحمد لله-مع توثيقنا أنّ الصالح والمتبني للضوابط السلوكية الإسلامية يتدبر آيات الله وما ورد في السنّة النبوية فلا يحلف مثل هذه اليمين إلا في حدود صياغة نسبية معينّة كقوله مثلا":أحلف بالله بأني فعلت ما في وسعي لكي أكون كرجل صالح ....ولا يكلف الله نفسا" إلا وسعها.ألتمس الإجابة مع جزيل الشكر_علما"بأنّ هذه الصياغة وردت في سياق دعوى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكما أشار السائل الكريم لا ينبغي للمسلم أن يزكي نفسه ويمدحها، فقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (لنجم: 32)

وكان الصحابة والسلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ يبتعدون عن ذكر مآثرهم ـ وهي كثيرة ـ وعن تزكية نفوسهم وهم الذين زكاهم الله تعالى ورضي عنهم.

ولكن الشخص إذا حلف أنه متحل بالصفات المذكورة حسب اعتقاده وفيما يزعم فإنه لا كفارة عليه ولا إثم إلا من باب تزكية النفس؛ لأن هذا من لغو اليمين الذي قال الله تعالى فيه: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}(البقرة:225)

فقد فسر مالك لغو اليمين بأنه حلف المرء على ما يعتقده فيظهر خلافه، وراجع الجواب : 11070

وأما إن كان حلفه على أنه متصف بالصفات المذكورة كذبا وهو يعلم أنه عار عنها، فإن هذا من اليمين الغموس المحرم الذي يغمس صاحبه في الإثم أو في النار، وهو من كبائر الذنوب والعياذ بالله تعالى

فقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اليمين الغموس من الكبائر مع الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس؛ كما في البخاري وغيره

ولهذا فهي أعظم من أن تكفرها كفارة اليمين فلا تكفر إلا بالتوبة النصوح هذا مذهب الجمهور، ويرى الشافعية أنها تلزم فيها كفارة اليمين.

وينبغي للمسلم أن يتواضع لله تعالى ويقدره حق قدره ويعرف قدر نفسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" وما تواضع أحد لله إلا رفعه" رواه مسلم وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني