الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من غصب أرضا موقوفة على المسجد

السؤال

السؤال : ما قولكم علماء الإسلام في رجل استلم من أحد الناس أرضاً خيراً إلى المسجد واستلم الرخصة للبناء من الحكومة على شأن المسجد وبناء المحل وإيجاره ومن الإيجار كان يساهم في تصليح المسجد ومن بعد فترة من السنوات، قسم من الأرض الباقية اشتراها من صاحب الأرض وبناها محلات وجمعهم مع بعض ومن بعد السنوات سجل ملكية المحلات باسمه ويقول المسجد ما له شيء عندي إذا أنا أساهم في تصليح المسجد من عندي بنفسي والملك ملكي هذا الملك لهذا الشخص حلال أم حرام، وكل الناس يشهدون بأن الأرض والمحلات خير للمسجد، ونرجو الجواب منكم يا أيها العلماء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من السؤال هو أن هذا الشخص قد اغتصب الأرض الموقوفة على المسجد والمحلات المبنية عليها وضمها إلى أرضه وبنائه، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا حرام قطعاً، فإن غصب الحقوق يعد من عظائم الذنوب، فكيف إذا كان المغصوب وقفاً، لا شك أن الذنب يكون حينئذ أعظم، وإذا كان لا يجوز لناظر الوقف أن يستدين من مال الوقف، فكيف بغصب مال الوقف؟! قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فرع: ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره (وإقراضه إياه) أي مال الوقف، (كإقراض مال الصبي). انتهى.

وقال في شرح البهجة: ولا يجوز أن يأخذ من مال الوقف شيئاً على أن يضمنه، فإن فعل ضمنه، وإقراض مال الوقف كإقراض مال الصبي. انتهى.

بل إن الفقهاء قد ذكروا أن ناظر الوقف لا يجوز له أن يبيع أو يؤجر من نفسه أو والده أو ولده، لاحتمال دخول المحاباة، ويجب على هذا الشخص أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً من هذا الفعل الشنيع، وأن يرد ما اغتصبه إلى المسجد من قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، كما يجب عليه أن يرد المنافع التي استفادها من الوقف، وأن يضمن أي تلف أو نقص في الوقف.

قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: وأما المنافع فضربان... الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة والفوات تحت الأيدي المبطلة والتفويت بالانتفاع، لأن الشرع قد قومها ونزلها منزلة الأموال فلا فرق بين جبرها بالعقود وجبرها بالتفويت والإتلاف، لأن المنافع هي الغرض الأظهر من جميع الأموال، فمن غصب قرية أو داراً قيمتها في كل سنة ألف درهم وبقيت في يده سبعين سنة ينتفع بها منافع تساوي أضعاف قيمتها ولم تلزمه قيمتها -أي قيمة هذه المنافع- لكان ذلك بعيداً من العدل والإنصاف الذي لم ترد شريعة بمثله ولا بما يقاربه... ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 28270.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني