الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع إشكال حول معاملة المسلم ومعاملة الكافر المعاهد أو الذمي

السؤال

أنا في حيرة من موضوع -الإعانة على المعصية- فأنتم ذكرتم بأنه لا يجوز أن تؤجر بيتا لمن يغلب على ظنك أنه سيضع الدش ليشاهد المحرمات وفي فتوى أخرى قلتم إنه يجوز أن تؤجر البيت للكافر حتى لو كان يعبد غير الله ويأكل الخنزير وغيرها من المحرمات ولكن لا أن يكون وسيلة للحرام كأن يبيع الخنزير، فهل معاملة الكافر تختلف عن المسلم أم ماذا، فأرجو التوضيح؟ وجزاكم الله خيراً على جهودكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن معاملة المسلم تختلف عن معاملة الكافر الذمي أو المعاهد، ووجه الاختلاف أن الكافر الذمي أو المعاهد يقر على فعل ما يعتقد حله في دينه وإن كان محرماً في دين الإسلام، بشرط ألا يظهر ذلك بين المسلمين، ومعنى "يقر عليه" أنه لا يمنع منه ولا يعاقب على فعله، وذلك مثل عباداته الباطلة وشربه للخمر وأكله للخنزير ونحو ذلك.

قال البهوتي في كشاف القناع: (لا) يقيم الحد عليهم -أي الإمام - (فيما يعتقدون حله، كشرب خمر ونكاح محرم) وأكل لحم الخنزير لأنهم يعتقدون حله، ولأنهم يقرون على كفرهم، وهو أعظم جرماً، إلا أنهم يمنعون من إظهار ذلك بين المسلمين لتأذيهم به.

وهذا بخلاف المسلم فإنه لا يقر على فعل هذه المحرمات ويعاقب عليها، وبهذا ينحل عنك الإشكال الوارد في السؤال، فالكافر، إنما جاز أن يؤجر له مسكن يسكنه، مع العلم بأنه لا بد أن يشرك فيه بالله ويشرب فيه الخمر ويأكل فيه الخنزير.. إلخ، لأنه يقر على فعل تلك المحرمات، ولم يجز أن يؤجر له محل ليبيع فيه الخمر أو الخنزير، لأنه إذا كان ممنوعاً من إظهار ذلك بين المسلمين فلأن يمنع من بيعه بينهم أولى وأحرى، وأما تأجير المسكن للمسلم الذي يغلب على الظن أنه يمارس فيه المحرمات، فلا يجوز لأنه لما كان المسلم لا يقر على فعل تلك المحرمات، لم تجز إعانته عليها، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني