الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تأثم الخطيبة بعدم إخبار الخاطب بوجود عيب في شفتها تمت معالجته؟

السؤال

هل تأثم الفتاة على عدم إخبارها بأثر ندبة عملية جراحية خفيفة سببها الشفة الأرنبية، وهي لا تؤثر على حياتها الزوجية أبدًا؟ وهل تأثم على عدم إخبارها بأنه مرض وراثي في العائلة في فترة الرؤية الشرعية؟
للعلم، في أول يوم بعد كتب الكتاب ظهر الأثر نتيجة طبقات المكياج، وأخبرت الخاطب، لكن الفتاة لم تتعمد الإخفاء، وإنما غاب عنها تمامًا؛ لأنها متعايشة معه، وغير مؤثر على حياتها، وحينما سألها الخاطب في يوم كتب الكتاب عندما لاحظ الأثر، جاوبت بصدق ولم تنكر. ويشهد الله أنها لم تتعمد الإخفاء، وإنما غاب عنها تمامًا؛ لأنها متعايشة معه، مثله مثل أي جرح قد يصاب به الإنسان.
بعد شهر من مرور كتب الكتاب، سيطر عليه الخوف من حدوث هذا الأمر مع الأولاد، وأخبر عائلته، ورفضت عائلته تمامًا. قام باستشارة شيخ، وأخبره أنني آثمة، واستشار دكاترة، وأخبروه أن احتمالية وقوع هذا في الأولاد كبيرة لأنها الأم. الآن نحن في إجراءات الفسخ. تريد الفتاة أن تعلم هل هي آثمة فعلًا؟ وهل يتوجب عليها إعادة المهر؟
أنا قرأت الفتوى المتعلقة بمرض ثنائي القطب، وكنتم ذكرتم أنه لا يتوجب إخبار الخاطب بالأمراض الوراثية؛ لأن هذا قضاء الله وقدره، وحسب ما فهمت أنه إذا كان في الفتاة عذر شرعي له تأثير على حياتها الزوجية، فيتوجب ذكره، لكن بالنسبة لهذه الفتاة فهو خط خفيف، كأي ندبة قد تحدث على الجبين، أو الخد، أو أي موضع في الجسم، ولم تتعمد الإخفاء أبدًا، وكونه وراثيًا في العائلة ليس ذنبها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور العلماء على أن العيوب التي يفسخ بها الزواج، والتي يجب بيانها للخاطب؛ هي العيوب التي يتعذّر معها الوطء، أو الأمراض المنفّرة، أو المعدية -كالجنون، والبرص، والجذام، ونحو ذلك-، وذهب بعض العلماء إلى أن كل عيب يحصل به نفور أحد الزوجين من الآخر، فهو موجب للفسخ.

قال ابن القيم -رحمه الله-: القياس: أن كُلَّ عيب ينفِرُ الزوجُ الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِن الرحمة والمودَّة يُوجبُ الخيارَ. انتهى.

والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظري الفتوى: 53843.

وعليه؛ فوجود شقّ في الشفة؛ ليس من العيوب الموجبة للفسخ، والتي يجب الإخبار بها، وخاصة إذا حصل علاج لها عن طريق الجراحة.

وعلى أية حال؛ فما دامت الفتاة لم تخبر الخاطب بهذا الأمر لظنّها أنه غير واجب عليها؛ فلا إثم عليها في ذلك، حتى لو كان العيب موجبًا للفسخ، لأنّ الجهل بالحكم يرفع الإثم.

أمّا مسألة الفسخ، والرجوع بالمهر على الزوجة أو غيرها؛ فهي مبنية على الخلاف السابق ذكره في ضابط عيوب النكاح.

وما دام في المسألة خلاف؛ فمردها عند التنازع إلى القضاء الشرعي للفصل فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني