الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عتاب الأقارب الناشيء عن الهوى لا يؤثر ما دامت الصلة قائمة

السؤال

أحاول أن أصل أهلي في كل المناسبات تقريبا سواء بالزيارة أو بالهاتف على الرغم من كثرة الأقارب والأهل وعلى الرغم من أني متزوجة وأدرس وعندي مسؤولياتي لكن دائما يعاتبونني ويبدون عدم الرضا فهل الواجب تحقيق رضاهم أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر ونهى عن قطعها ، بل إن الله عز وجل قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر فقال: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22].
وبما أن الشارع لم يبين صلة الرحم ولا جنسها ولا مقدارها فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عندهم أنه قطيعة فهو القطيعة، وعلى الإنسان أن يتجنب قطيعة الرحم حسب الإمكان ولكن بشرط أن لا يكون ذلك على حساب ما نيط بالإنسان من الحقوق الخاصة ومن المسؤولية التي هي أهم وآكد. فقد جاء في الصحيحين " والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم" وهذا الحديث يشير إلى أن الأصل، في حق المرأة القرار في بيتها، والخروج منه خلاف ذلك الأصل ويباح عند الحاجة بقدرها. فإذا انتهت الحاجة رجعت إلى ما هو الأصل في حقها وهو القرار في البيت، وقد أمر الله تبارك وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالقرار في بيوتهن، وجعل ذلك وسيلة من وسائل تطهيرهن من الذنوب والمعاصي فقال جل من قائل: (وقرن في بيوتكن) [الأحزاب: 33].
لهذا فإنا نرى أن الواجب عليك أولاً وقبل كل شيء القيام بما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنك راعيته ومسؤولة عنه أمام الله عز وجل، وهو ما تقدم في الحديث المتفق عليه من رعاية البيت والأولاد وما يتعلق بهم.
ثم بعد ذلك ِصلي رهطك بما هو متعارف، وبما لا يشق عليك ولا يكلفك ما لا تطيقينه، ولا يشغلك عما هو أهم وأوجب، وإذا لم يرض الأقارب منك إلا أن تقصري في مسئوليتك أو تضيعي الحقوق المنوطة بك من أجل صلتهم فلا تصغي لهم ولا تسمعي لقولهم، "إذ لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في المعروف" الحديث متفق عليه، ويمكن أن تصليهم بالسؤال عن أحوالهم بالهاتف، إذا كان ذلك ممكنا، وأن تحرصي على شهود مناسباتهم التي تجمع بينهم عادة، وهذا كله في صلة الأقارب غير الوالدين، أما الولدان فصلتهما من الواجبات والحقوق المؤكدة. ثم إن الإنسان إذ قام بحق الله تعالى وحق عباده طبقاً للضوابط الشرعية، فإنه لا يضره بعد ذلك عدم رضى الناس عنه ولا عتابهم الناشيء عن الهوى والعواطف. والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني