الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الأبناء من أبيهم الذي لا يصوم

السؤال

والدي لا يصوم شهر رمضان أبدًا، ولا يقطع الصلاة، وهو كثير التدخين، فماذا نفعل؟ عندما ننصحه يصرخ في وجهنا، ويقول: سيحاسبني ربي، وليس أنتم، وأحيانًا يخاصمنا بسبب ذلك، مع العلم أنه يعمل لنفسه الشاي في صباح رمضان، ويشرب أمامنا، ويدخّن السجائر ونحن صائمون، فهل نحن مشتركون معه في إثم عدم صيامه؟ وهل يجوز لنا أن نأكل من الأطعمة التي يُحضِرُها لنا في رمضان؟
أفيدونا أفادكم الله، ونريد منكم إجابة كافية تزيل عنا الحيرة والقلق؛ لأننا لا نعرف ما المفروض علينا فعله مع أبينا في هذا الشهر الفضيل. وجزاكم الله خيرًا، ووفقكم للعلم والإيمان.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فإن من أفطر في نهار رمضان من غير عذر مبيح للفطر، فقد أثم إثمًا عظيمًا، وتجب عليه التوبة النصوح، وقضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها، وتنظر الفتوى: 111609.

أما أنتم فعليكم نصحه بالحكمة، والموعظة الحسنة، فهذا من البرّ والإحسان، وفي قصة إبراهيم -عليه السلام- شاهد على ذلك، حيث يقول لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:45}.

كما ينبغي مراعاة لزوم الأدب الرفيع، والألفاظ المناسبة، والبعد عن التعنيف؛ لما في ذلك من العقوق، وليكن الغرض الأسمى هداية الأب، مع الدعاء له بالهداية، والتحلّي بالصبر، قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17}.

وبهذا تبرأ ذمتكم من الإثم -إن شاء الله-، قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ {الغاشية:22}، وقال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ {الشورى:48}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم عن أم سلمة. أي: الإثم والعقوبة على من رضي وتابع. ذكره النووي.

فإذا أدّيتم النصيحة على وجهها، فقد أدّيتم الواجب عليكم، ولا يلحقكم وزر، إن لم يستجب ويقلع عن ذنبه، قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر:7}.

أما الأكل من الأطعمة التي يحضرها لكم، فلا شيء فيه، ما دام ماله حلالًا.

والله نسأل أن يشرح صدر أبيكم للتوبة، والهداية، وأن يتوب علينا وعليه وعلى جميع المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني