الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يقصد بالسلفية: اتباع السلف الصالح واقتفاء منهج النبوة.

السؤال

سؤالي من فضلك مقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة" فقالوا: من هي يا رسول الله؟ قال "ما أنا عليه وأصحابي" هل منهج أو مذهب السلفية من ضمن تلك الأقسام والحنفي والحنبلي والشافعي؟ لم أفهم أفيدوني. أثابكم الله

الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست السلفية من الفرق التي انقسمت إليها أمة محمد صلى الله عليها وسلم، حيث إن السلفية يقصد بها اتباع السلف الصالح فيما كانوا عليه من نهج إسلامي صحيح، والسلف الصالح يقصد بهم الصحابة الكرام وتابعوهم ومن تبعهم بإحسان، لأن النبي صلى الله عليه سلم خص قرنه وقرنين بعده بالخيرية فقال صلى الله عليه وسلم "إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم - ثم قال عمران راوي الحديث:فلا أدري بعد قرنيه قرنين أو ثلاثة - ثم يكون بعد ذلك قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن" أخرجاه في الصحيحين. و قال تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ... {آل عمران:110}، وعن الضحاك: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم. فأتباع هؤلاء هم الفرقة الناجية إن شاء الله تعالى، لأنه جل وعلا قد زكى صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وليس مجرد الانتساب إليهم أو انتحال اسم بعينه كالسلفية أو السلف ونحوها من الدعاوى كاف ، فالعبرة بحقائق الأشياء لا بأسمائها ، والمعيار في ذلك موافقة الكتابة والسنة.
كما أن الحنفية أو الشافعية أو الحنبلية أو المالكية لا تدخل تحت الفرق ، لأن هذه مذاهب فقهية اتفقت في النهج ولكنها اختلفت في الفروع، والمنتسب إلى هذه المذاهب على سبيل نجاة ما لم ينحرف عن معتقد أهل السنة والجماعة وينتمي إلى مناهج الفرق الهالكة.
والضابط الذي يحكم به على منهج فرقةٍ ما هو: متابعتها أو خروجها عن منهج السلف الصالح في الأصول والعقائد، يقول الشاطبي رحمه الله في الاعتصام: "وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات، إذ الجزء والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية" ثم قال: "مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة….". ومن تأمل حال الفرق المنحرفة وجدها تخالف أهل السنة في معنى أو عدة معان كلية، واعتبر ذلك بحال الخوارج والمرجئة والمعتزلة، والرافضة وغلاة المتصوفة وغيرهم من الانحراف، فالقول بكفر مرتكب الكبيرة، أو أن العمل ليس من الإيمان، أو حصر الكفر في التكذيب والجحود، أو نفي الصفات، أو الطعن في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو تسويغ عبادة المقبورين، أو القول بوحدة الوجود، كل ذلك يعد من الأصول والمعاني الكلية المخالفة لمنهج الفرقة الناجية. هدانا الله وإياك إلى صراطه المستقيم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني