الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يحول بينك وبين التوبة

السؤال

أرجو من تصله رسالتي هذه التمعن فيها لأنني فعلا محتاجة لمساعدة محتاجة ليد العون أريد من ينقذني من الغرق في بحر المعاصي قصتي باختصار(أنني عشت في بيئة كثيرة المشاكل لأسباب تافهة أو مادية00كنت فتاة هادئة أحب العزلة كنت متفوقة في دراستي إلى أن تخرجت من الثانوية اهتديت وعمري 16 سنة والحمدلله كنت محافظة على صلواتي والأذكار كل همي أن أكون من أهل الجنة والذهاب للعمرة رميت كل شيء المجلات أشرطة الأغاني وبدلتها بالقرآن وبأحاديث والكتب الدينية كنت بسعادة لا يعلمها إلا الله لأنني كنت قريبة منه سبحانه، وبعد فترة وجيزة توظفت فرحت كثيرا ولكن لم أكن أعلم أنني سوف أكون أتعس إنسانة على وجه الأرض فعند عملي اقترحت علي أمي أن أسوق سيارة لأن أبي يدخن ودائما يسب الناس بدون سبب وفعلا قدت السيارة وذهبت لبنك ربوي وأخذت قرضا (أصبح لدي سيارة ومال وكذلك الجوال الخبيث)الذي دمر حياتي بأكملها حققت لهم كل شيء أثثت المنزل لم أجعلهم يحتاجون لشيء أحسست بعدها أني أتخلى عن بعض الصلوات أصبحت أرجع للوراء شيئا فشيئا وبحكم عملي الذي أذهب إليه من الساعة 7 صباحا إلى 3 عصرا وبعد فترة من عملي اتصل لي شخص مخطئ تعرفت عليه وبعد شهر أخبرني أنه متزوج ولديه أطفال ولكن حبي له جعلني أقاوم وخصوصا أنني أعرف أن بينه وبين زوجته مشاكل وشرح لي قصته وتأكدت أكثر من أخته حيث أنها صديقة أختي في المدرسة أحببته بكل جوارحي وهو كذلك لم يطلب رؤيتي ولكن أنا التي طلبت منه ذلك لأن أخلاقه أعجبتي (نعم إنني مغفلة ولأن إهمال أهلي وضعف إيماني وفقدي للعطف والحنان فسخت الحياء ) زادت العلاقه بحيث أذهب إليه في بيته وأنام معه وبحكم عملي 24 ساعة ودوامي ثابت فقط الصباح ولكن عندما يصبح عندي ظروف كنت أداوم العصر إلى الليل وأحيانا الجمعة وكنت أخصصه للذهاب إليه ويعاملني وأعامله وكأننا زوجين وفقدت أعز ما أملك ورغم هذا لم أبك أوأشعر بالندم(لاأعرف لماذا رغم أن هذه أكبر فاحشه وهي الزنا)أحس هو بغلطته وجاء لخطبتي ولكن أمي رفضت وذلك بسبب زوجته وسمعتها السيئة(وأمي لا تعرف أنني أنا أسوء منها)وبعد رد أمي أحسست أنني في دوامة لا أعرف ماذ أعمل أو أتصرف فكرت في الانتحار ولكن هذا ليس الحل 00عمري الآن 22سنة أكلت الربا00زنيت00علاقة غير شرعية00هدمت بيتا00لوثت سمعتي وسمعة هلي وخنت ديني وعصيت ربي فعلت وفعلت فهل لي من توبة وهل يغفر الله لي. أرجو منكم مساعدتي وماذا علي أن أفعل هل أترك علاقتي به وكيف أتصرف أنا لا أستطيع أن أخبر أمي أريد أن أعرف بالتفصيل ماذا علي أن أعمل 00وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال صلى الله عليه وسلم : لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. رواه البخاري. ومن يحول بينك وبين التوبة، والله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.وقال أيضاً: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:17}. ونبشرك بأن الله يقبل توبتك إذا استوفيت شروط قبولها، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الخطايا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إن التائب يبدل الله سيئاته حسنات، قال تعالى عن صفات عباد الرحمن: .. وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان: 68ـ70}. وانظري شروط التوبة النصوح في الفتويين: 9694، 5450. وعليك بقطع العلاقة فوراً مع هذا الشخص الذي ارتكبت معه الفاحشة وغيري رقم جوالك، ولا تمكنيه من الاتصال بك أبداً. والتزمي بأداء الصلاة في وقتها، واحذري تركها، فإن الله تعالى توعد تاركها بعذاب أليم، وانطري الفتوى: 6061. وتخلصي كذلك من القرض الربوي الذي أخذته لشراء السيارة إن كان ذلك ممكناً وأرجعيه للبنك المقرض، وتوبي إلى الله تعالى من التعاون مع البنك على إثم أكل الربا. واحذري التفكير في الانتحار، فإنه كبيرة من الكبائر، ولقد توعد الله قاتل نفسه بالعذاب الأليم، وانظري الفتاوى: 5671، 10397 ، 8012.

واسألي الله أن يشرح صدرك لما يحبه ويرضاه، وأن يتوب عليك ويغفر لك، فقد قال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. وإياك أن تخبري أحدا كائناً من كان بما اقترفت فإن ذلك إثم على إثم، فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله تعالى، من أصاب من هذه القاذروات شيئاً فليستتر بستر الله ... وفتشي عن أخوات صالحات فاضلات، وانتظمي في سلكهن، فإنهن خير معين بعد الله تعالى، ففي الصحيحين وغيرهما: عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فَدُل عليه فسأله: هل من توبة؟ فقال: أبعد تسعة و تسعين تكون لك توبة، فقتله فكمل به مائة، ثم مكث ما شاء الله، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه فسأله هل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة ولكن ائت قرية كذا فإن فيها قوما صالحين فاعبد الله معهم، فأدركه الموت في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث الله ملكا يحكم بينهم فأمر أن يقاس فإلى أي القريتين أقرب ألحق به، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر الله له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني