الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يتكلم كثير من الحفاظ والمؤرخين عن مسند بقي بن مخلد وذكره الذهبي وابن كثير وأثنى ابن حزم عليه جدا وفضله على مسند الإمام أحمد وأتساءل :
1- لماذا لم يحتج ابن حزم بأي حديث من مسند بقي في كل كتاب المحلى؟؟؟!!! بل لم يذكره أصلا . ولم يذكر من طريق بقي شيئا أصلا ولكن وقع بعض الروايات في محلاه يقع في سندها بقي يرويها ابن حزم من طريق حمام (شيخ ابن حزم) وكلها عن بقي عن أبي بكر بن أبي شيبة وأيضا ليس فيها حديث مرفوع ! ولا موقوف حتى على صحابي! بل كلها عن التابعين (عدد هذه الروايات حوالي 36) ولا أثر لبقي ولا مسنده في المحلى
2- قرأت أنه فقد !!! فكيف تأتى هذا ؟ بل هذا محال ! وهل لو صح هذا يكون فقد قبل ابن حزم ؟ (ذكر الذهبي عن نفسه أن عنده مجلدين لبقي) فلزم أن لا يكون فقد وقت ابن حزم
3- هل مسند بقي كله عن النبي؟ حيث إن كل من كتب عنه يباهي بأنه روى عن أكثر من ألف ونيف من الصحابة . وظاهر كلمة المسند أنه كله عن النبي
4-قال ابن حزم إن بقياً له أيضا كتاب جمع فيه كثيرا من أحكام التابعين وفتاواهم.فلماذا لم يذكر أيا منها في كتبه وهو كثير الاحتجاج والسرد لأحكام الصحابة والتابعين وكل كتبه مدارها على مصنف عبد الرازق وأبي بكر بن أبي شيبة وغيره ولم أره مرة قال ومن طريق بقي!!!!!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر أبو محمد بن حزم أحاديث مرفوعة وآثارا عن الصحابة والتابعين من طريق بقي بن مخلد عن شيخه أبي بكر بن أبي شيبة منها: حديث ابن عمر عن عمر قال: نذرت نذرا في الجاهلية ثم أسلمت، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأمرني أن أوفي بنذري. ومنها: حديث جابر مرفوعا: لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ معقده من النار. ومنها: حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا من امرأة على أن يعلمها سورة من القرآن. وحديث عروة بن مسعود الثقفي، وروى عدة آثار عن عمر، وروى عن معاذ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو.

ومما سبق يتبين أن ابن حزم روى أحاديث مرفوعة وآثارا من طريق بقي في كتابه المحلى.

واعلم أن المحلى مختصر من كتاب الإيصال وكلاهما لابن حزم ، قال أبو محمد: وقد جمعنا فيه -أي كتاب الإيصال- كل ما روي من نصوص القرآن والسنة والإجماع منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلى غربها. اهـ.

وقال الحكيم صاعد الأندلسي وهو معاصر لابن حزم: إنه في أربعة وعشرين مجلدا بخط في غاية الإدماج. اهـ. ومن جملة ما اختصره أبو محمد الأسانيد، فقد يكون من جملة ما اختصره أسانيد أحاديث رواها عن بقي من مسنده، وأيضا لبقي بن مخلد مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم. قال الإمام الذهبي: قال ابن حزم: قد أربى على مصنف ابن أبي شيبة وعلى مصنف عبد الرزاق وعلى مصنف سعيد بن منصور. اهـ. فيحتمل أن تكون الآثار التي ذكرها ابن حزم في المحلى من مصنفه أو من مصنف ابن أبي شيبة، فإنه لم يدخله في الأندلس غيره ولم يرو هناك إلا من طريقه، فلا نستطيع أن نجزم أن ابن حزم لم يخرج في المحلى عن بقي بن مخلد.

أما مسند بقي فنحن نجزم أن ابن حزم اطلع عليه بدليل أنه قدمه على غيره، وذكر أنه أكبر مسند على الإطلاق، ولم يتيسر لنا الاطلاع عليه، ولكن المعلوم عند جمهور المحدثين أن أحاديث المسند كلها مرفوعة وظاهرها الاتصال وإن كان بعضها معلولا، إلا أن ظاهرها اتصال السند، ولا نستطيع أن نجزم أن ابن حزم لم يرو عن بقي لما تقدم ذكره، والمعلوم عند أهل الحديث أن بقيا أدخل في مسنده مسند أحمد وغيره من المسانيد، لأن وفاته تأخرت عن وفاة أصحاب المسانيد فاستفاد منهم.

وعليه؛ فالسنة التي فقدت بفقد مسند بقي محفوظة في بقية المسانيد الأخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني