الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الجليل
الموضوع
توفي أخي ولديه زوجة وأب وأم وأنا وأخوان وأختان يعني نحن خمسة إخوة ثلاثة أولاد وبنتان طبعا بعد وفاته أعطيت زوجته حقها وقد كان له بيت ومبلغ من المال وبعد سنة توفي أبي ونحن أطفال وقد صرفنا جزءا كبير في النفقة علي الأسرة وبعد أن أكملنا الجامعة طبعا الإخوة لأن البنات تزوجن وقد قمنا أنا وإخواني الأولاد بعمل أساسات للبيت حيث إن البناء غير ممكن من دون هده الأساسات وقمنا ببناء ثلاثة طوابق أي كل واحد عمل طابقا طبعا تم البناء بموفقة الأختين أرجو من فضيلتكم التكرم بإعطائي القسمة الشرعية لكل شخص أحيطكم علما بان أمي تعيش معنا
ولكم جزيل الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الورثة هم من ذكر في السؤال فقط فإن تقسيم التركة يكون على النحو الآتي:

فيقسم أولا ميراث أخيكم رحمه الله، وهذا تحجبون منه أنتم إخوته ذكورا وإناثا، لأن أباكم يحجبكم فيرثه ممن ذكرت زوجته وأمه وأبوه.

فأما الزوجة فلها الربع من تركة أخيك، لأن أخاك ليس له أولاد، كما يفهم من السؤال، وذلك لقوله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ {النساء: 12}. وهي قد أخذت حقها كما ذكرت في السؤال.

وأما الأم فلها السدس لوجود الإخوة، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ {النساء: 11}. والأب له باقي التركة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.

وننبه إلى ان هذه المسألة لا تدخل في الغراوين التي تأخذ فيهما الأم ثلث ما بقي بعد أخذ الزوجة حقها، والفرق بينها وبين الغراوين وجود جمع من الإخوة. قال الباجي في شرح الموطأ: وفي المسألة الأولى أي كون الورثة زوجة وأبا وأما إذا كان مع الأبوين أخوان فأكثر ولم يكن أخ فإن الفريضة تكون من ستة، للأم السدس، ولا يكون لها ثلث ما بقي، لأن الأخوين حجباها من الثلث إلى السدس.

وثانيا: ميراث والدكم رحمه الله، ويرثه أبناؤه وزوجته، أي أمكم فتأخذ أمكم الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء: 12} وما بقي تشتركون فيه أنتم الإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

وننبه إلى أن كل ذلك يكون بعد تقويم البيت قبل أن تضيفوا إليه الإضافات الخاصة بكم أي تقدرون قيمته على الحالة التي تركه، والأصل أن تكونوا قد أحصيتم التركة بعد وفاة أبيكم وقسمتوها على مستحقيها لينفق كل واحد منكم من نصيبه الخاص به حسب حاجته واستهلاكه.

وما دمتم لم تفعلوا ذلك فإن عليكم أن تتسامحوا فيما استهلكتم من النفقات وغيرها لصعوبة التدقيق فيها، لأن نصيبكم من التركة يختلف وربما كان استهلاككم متفاوتا أيضا.

وإذا لم يحصل تسامح بينكم في هذا الأمر فإن من زاد استهلاكه على الآخرين تخصم الزيادة من نصيبه.

وأما عن البناء الذي قمتم به فإن كان من تركة أبيكم كما هو الظاهر فإنه يقوم ويقسم على الورثة كغيره، ولكم أن تأخذوه مقابل نصيبكم فإن زاد عنه رددتم الزيادة، وإن نقص رد لكم بقية الورثة النقص، أما إذا كان من مالكم الخاص ولم يتنازل الورثة عن نصيبهم من الأرض فإن شاؤوا دفعوا لكم قيمة البناء ثم قسموه مع الأرض وغيرها.

وإن شئتم دفعتم قيمة الأرض فقط للورثة وتضم القيمة لبقية التركة لتقسم على الجميع وبذلك تملكون الأرض والبناء.

وإذا لم ترضوا بهذين الحلين تكون الأرض والبناء شركة بينكم حسبما لكل واحد منكم، وفي هذا يقول ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومستحق الأرض بعد أن عمرت يدفع قيمة الأرض قائما فإن أبى دفع إليه المشتري قيمة الأرض براحا ، فإن أبى كانا شريكين بقيمة ما لكل واحد.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني