الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهداء ثواب القراءة إلى الأنبياء والرسل

السؤال

أقرأ القرآن وأختمه وأقول قبل قراءتي اللـّهم إنـّي نويت تلاوة ما تيسـّر من كلامك العزيز. اللـّهم بلـّغ ثواب تلاوتي إلي رسولنا الكريم محمـّد عليه ألف صلاة وألف تسليم وإلى آله وصحبه أجمعين وللأنبياء والمرسلين والشـّهداء والصـدّيقين والأولياء والصـّالحين ولوالديّ ولإخوتي وأخواتي ولجميع المؤمنين.فهل النيـّة بهذه الطـّريقة صحيحة أم أنّ الأنبياء والمرسلين ليسوا في حاجة لمن يقرأ لهم القرآن؟ وهل يجب البدء بقول لي ولوالديّ قبل كلّ أحد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإهداء ثواب قراءة القرآن وغيرها من الطاعات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل والأنبياء أمر لا يستند إلى دليل، فينبغي عدم الاقدام عليه لعدم ثبوته عن السلف الصالح فمن بعدهم، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: وسئل الشيخ عماد الدين بن العطار تلميذ النووي رحمهما الله تعالى: هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه صلى الله عليه وسلم وهل فيه أثر؟ فأجاب بما هذا لفظه: أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به، بل ينبغي أن يمنع منه لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه، مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه صلى الله عليه وسلم وجميع أعمال أمته في ميزانه، وقد أمرنا الله بالصلاة عليه وحث صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه فينبغي أن يتوقف على ذلك، مع أن هدية الأدنى للأعلى لا تكون إلا بالإذن. انتهى كلامه. قال صاحبنا الشيخ شمس الدين السخاوي تلميذ شيخنا قاضي القضاة ابن حجر في مناقبه التي أفردها أنه سئل عن من قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه: اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب: هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم سلفا فيه. انتهى. وأما إهداء ثواب القراءة وغيرها من الطاعات لغير الأنبياء والرسل فإنه جائز ويحصل النفع به كما سبق في الفتوى رقم: 3406. ولا بأس بأن تقول اللهم بلغ ثواب تلاوتي إلى شخص بعينه أو جماعة بقصد وصول ثواب القراءة إليهم. ففي المغني لابن قدامة: وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر. انتهى. وقال الحطاب في مواهب الجليل متحدثا عن إهداء القراءة للميت: أما الدعاء بجعل ثوابه له فليس تصرفا بل سؤال لنقل الثواب إليه ولا منع فيه. انتهى. ومن الأفضل أن تبدأ بالدعاء لوالديك لأنهما أحق الناس ببرك ودعائك ففي الصحيحين: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وفقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال: ثم من، قال: ثم أمك، قال: ثم من، قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. هذا إضافة إلى أن الدعاء للوالدين من البر الذي لا ينقطع بموتهما، وراجع الفتوى رقم: 25972.

ولله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني