الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوقف على الأحفاد وذريتهم

السؤال

تزوج أبي قبل وفاتة بعام من سيدة سبق لها الزواج عدت مرات من قبل ويكبرها بخمسة وثلاثين عاما, ولم ينجب منها, وقد حصلت على حقوقها الشرعية كاملة عند الوفاة, وكانت جدة أبي رحمها الله والتي توفيت منذ زمن بعيد قد أوقفت وقفا لأحفادها وذريتهم من بعدهم, فهل تستحق هذه السيدة نصيبا من هذا الوقف، علما بأنها قد تزوجت بعد انتهاء عدتها من أبى مباشرة وأنجبت طفلة من زواجها الأخير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوقف -كما عرفه أهل العلم- هو: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة طلباً للثواب من الله عز وجل، وقد رغب الشارع فيه لمن وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار، وهو من القرب التي لا ينقطع ثوابها بعد الموت، روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. أخرجه الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد والدارمي.

وكون جدة أبيك -رحمها الله- قد أوقفت وقفا على أحفادها وذريتهم من بعدهم، يجعل لأبيك في هذا الوقف حقاً، لأنه من الأحفاد، وأما التي كانت زوجة له، ويبدو من السؤال أنها بقيت في عصمته حتى توفي، فإنها تشارك في إرث سائر متروكاته، ومنها الأوقاف إذا لم يكن أصحابها قد اشترطوا شروطاً تمنعها من المشاركة فيها.

وأما إذا اشترط الواقف ذلك فإنها لا ترث، لأن شرط الواقف يعمل به إن كان مما يجوز اشتراطه، قال العلامة خليل رحمه الله: واتبع شرطه إن جاز.

وهذه الجدة قد اشترطت أن يبقى وقفها في أحفادها وذريتهم، والزوجة المذكورة ليست من الأحفاد ولا من ذريتهم، فهي لا ترث منه إذاً.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني