الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للضيق بعد الاستخارة من دلالة

السؤال

كلما تقدم لخطبتي رجل أكون في حيرة من أمري فأصلي الاستخارة وفي كل مرة أصليها أحس بضيق شديد وهذا الضيق يكون مثل الجبل علي قلبي ويعكر على مزاجي طول اليوم فأحس أن ذلك يكون ردا على
الاستخارة ولكن هناك من يقولون لي بأن رد الاستخارة لا يكون بالحلم أو الإحساس وإنما بتسير الأمور إذا أردها الله وحصول النصيب، أو تتعرقل وتسد ولا يحدث النصيب إن لم يرد الله فكيف يكون رد
الاستخارة؟ وإن لم يكن هذا الضيق هو الرد على الاستخارة فلماذا دائما وفي كل الأمور التي أستخير
فيها وخاصة الزواج أحس بهذا الضيق؟ هناك أيضا من يقول لي إن هذا الضيق سببه أن هناك مس شيطاني أو معمول لي عمل كي لا أتزوج وهذا هو الذي يسبب لي الضيق ولكن كيف يعقل هذا الكلام وأنا في هذه الحالة أوكل أمري لله فلا دخل للجان ولا الشيطان نفسه بأمر الله هذا رأيي واتمني سيدي الفاضل أن أعرف رأيك في هذا الموضوع والرد علي اسئلتي بوضوح إن أمكن؟وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرت من الضيق بعد الاستخارة ليس هو الرد على الاستخارة، نعم انشراح الصدر علامة وبشارة يستأنس بها على ذلك، لكن عدم الانشراح أو الضيق، ليس معناه أن هذا الأمر ليس فيه خير، بل العلامة هي الانصراف عن الأمر بحيث لا يبقى القلب معلقاً بذلك الأمر.

إذا أن علامة قبول الاستخارة هي الانصراف عن الأمر المستخار الله فيه لنص الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.

قال في الموسوعة الفقهية: وأما علامات عدم القبول فهو: أن يصرف الإنسان عن الشيء لنص الحديث ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقاً به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به. اهـ

فما لم يقع الانصراف عن الأمر فامض في ما عزمت عليه، ولا بأس بتكرار الاستخارة وتراجع الفتوى رقم: 7234.

أما احتمال أن يكون سبب ذلك مس شيطاني أو سحر، وكيف يمكن ذلك في حين أنك تفوضين أمرك إلى الله، فالثقة بالله والتوكل عليه من أهم الأسباب للوقاية من الشيطان وأعوانه من السحرة وأمثالهم، فمن كان على الله متوكلاً وبه سبحانه مستعيذاً فليس للشيطان وأعوانه عليه سلطان ولا سبيل، قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ {النحل: 98-100}.

فما دمت في كل أوقاتك وأحوالك صادقة في التوكل على الله تعالى فاحتمال كون ما تجدينه من الضيق سببه الشيطان أو السحر احتمال ضعيف لا يلتفت إليه، وأما إن لم تكوني على ما وصفنا، ويوجد عندك من أسباب تسلط الشيطان وأهمها الذنوب والمعاصي، فالاحتمال المذكور وارد، وهو لا يعدو عن كونه احتمال وظن، وله علاج سبق بيانه في الفتوى رقم: 5252.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني